قال المديرالعام للسجون اللواء الدكتور علي الحارثي، في حوار مع"الحياة"، إن السجين يعامل وفق نظام الإجراءات الجزائية، المتضمن في مجمله معاملة السجين سواء من حيث التوقيف أو الإفراج عنه. جاء ذلك رداً على الملاحظات التي أوردتها جمعية حقوق الإنسان في المنطقة الغربية، وتضمنت الشكوى من احتجاز الأفراد لمدد طويلة من دون الإحالة إلى المحاكمة، الأمر الذي عدته الجمعية مخالفة صريحة للنظام. وتطرق الحوار الى أهمية مشاركة رجال الأعمال في الاستثمار في السجون, وقضايا السجن والتعليم العالي والمباني الجديدة، وغيرها من الشؤون التي تهتم المنظمات الحقوقية والإنسانية والمجتمع بالاطلاع عليها. وفي ما يأتي نص الحوار: كشف تقرير رسمي أن السجون في السعودية تضم ضعف طاقتها الاستيعابية من السجناء، وفي المقابل ُذكر أن هناك مشاريع توسعية للسجون كافة على مستوي السعودية، هل لنا بمعرفة مستجدات التطوير؟ - التطوير سيكون في جميع المجالات من ترميمات وتحسينات وإضافات واستثمار وغيره، والمباني تخدم البرامج الإصلاحية والتأهيلية، المتمثلة في الفصول الدراسية والورش التدريبية المهنية، والمباني الخاصة بانتظار الزوار، ومباني الزيارة المزودة بجهاز للمحادثة بين الزائر والنزيل، مع فاصل زجاجي وإنارة وتهوية وتكييف المكان.وستنعكس هذه المشاريع إيجابياً على النزلاء في شكل كبير، ويجري الآن العمل بهذا التطوير في 21 سجناً تقريباً، وستكتمل بقية السجون خلال العامين المقبلين، وهناك مشاريع لتنفيذ إصلاحيات جديدة ذات فئات مختلفة أ - ب - ج - د تتسع لأعداد متفاوتة من النزلاء، خصوصاً لمن صدرت بحقهم أحكام نهائية، وسيتم تنفيذها قريباً، وتخصص السجون القائمة حالياً التي يجري تطويرها للموقوفين. السجناء وحقوق الإنسان من الملاحظات التي أوردتها جمعية حقوق الإنسان في المنطقة الغربية احتجاز الأفراد لمدد طويلة من دون الإحالة إلى المحاكمة، الأمر الذي عدته مخالفة صريحة للنظام، الذي يمنع الاستمرار في التوقيف لأكثر من ستة أشهر، ووجوب الإفراج عن الموقوف إذا لم يحل إلى القضاء. كيف تتجاوزون هذه الإشكالية، وهل وضعتم خططاً لتفادي ما سجلته الجمعية ؟ - بالنسبة إلى النظام الذي يمنع الاستمرار في التوقيف لأكثر من ستة أشهر ووجوب الإفراج عن الموقوف إذا لم يحل إلى القضاء، فإنه يجب معرفة أن السجين يعامل وفق نظام الإجراءات الجزائية، التي وضعت بموجب مواد النظام، والمتضمنة في مجملها معاملة السجين سواء من حيث التوقيف أو الإفراج عنه، وتقوم السجون بمتابعة قضايا السجناء مع جهات الاختصاص منذ بدء توقيفهم حتى صدور أحكامهم ولاتتهاون في ذلك. ما ردكم على القائلين بأن"القائمين على السجون لا يعرّفون السجناء بحقهم في توكيل محامين لمتابعة قضاياهم"؟ - القائمون على السجون ملمون بالأوامر والتعليمات التي تخص عملهم بالسجون كافة، أما بالنسبة لتوكيل محامين لمتابعة قضايا النزلاء، فإن هذا قد ورد ضمن الأنظمة العدلية الثلاثة، التي تطبق في الوقت الحالي، وذلك بإفهام السجناء حقوقهم لحظة دخولهم السجن، وتقوم بإشعارهم بذلك خطياً وشفهياً، وبما يتم في قضاياهم من خلال متابعتها. يعد دور الوعظ الديني هو الأبرز في ما يتعلق بمساعدة التائبين على اتخاذ خط الرجعة، أين بقية الأدوار الثقافية والاجتماعية، ألا تخشون من تفشي النفاق بين السجناء للحصول على رضا إدارات السجون، ولماذا لا يدخل السجون باحثون وباحثات من غير العاملين في السجون، من خلال طرح أفكار وبرامج تأهيلية ربما تثري تجربة الإصلاح وتسهم في التكامل الاجتماعي وفي دمج السجين مع المجتمع؟ - هناك تكامل بين أوجه الرعاية المقدمة للنزلاء، إذ ان كل جانب يكمل الآخر، بما فيه مصلحة هؤلاء النزلاء وإعادة تكيفهم وتأهيلهم وإعادتهم لمجتمعهم أعضاء صالحين منتجين وفاعلين، وبما تسمح به الإمكانات المادية والبشرية المتاحة، وبالتالي تتكامل الأدوار الثقافية والاجتماعية مع الإرشاد والتوجيه الديني، إذ يؤدي الباحثون والأخصائيون الاجتماعيون والنفسيون دورهم المهني في التعامل مع حاجات ومشكلات النزلاء، بما يساعد على استقرارهم ومشاركتهم في الأنشطة الموجودة داخل السجن، مثل النشاط التعليمي والنشاط الثقافي والتدريبي والمهني والرياضي، والعمل مع جماعات النزلاء كلما كان ذلك ممكناً، وتختلف هذه الأدوار والأنشطة من سجن لآخر، حسب توافر الطاقات البشرية والامكانات المادية، التي من شأنها تنفيذ ذلك، والجهود تبذل في الوقت الحالي لزيادة الطاقات البشرية وتوفير المساحات المناسبة لممارسة مختلف الأنشطة، ونؤكد وجود الكثير من أوجه التنسيق والتعاون مع بعض الجهات ذات العلاقة، التي تشاركنا في تحقيق أهدافنا الإصلاحية والتأهيلية، مثل اللجنة الوطنية لرعاية السجناء والمفرج عنهم وأسرهم، ووزارة الشؤون الاجتماعية وبعض الجامعات السعودية وغيرها. العنبر المثالي فكرة تم اقتراحها وعلق أمرها في بعض السجون لضيق المساحة، ألا يعد عامل المساحة معرقلاً لمسيرة التأهيل والإصلاح في سجون السعودية، خصوصاً أن نجاح التجربة يستدعي سرعة التحرك؟ - ما زالت الفكرة مطبقة وموجودة في بعض سجون السعودية، ونسعى إلى تعميمها، والجهود تبذل لإيجاد مثل تلك الأجنحة والعنابر كلما توافرت المساحة الكافية، وسوف يؤخذ ذلك في الحسبان عند توسعة بعض السجون أو عند إقامة أخرى جديدة. التواصل مع السجناء الكترونياً هل نقفز على الواقع إذا تساءلنا عن سجون دبي، التي تبنت مشروع إنشاء موقع الكتروني يتيح لذوي السجناء والمحامين والمسؤولين في السفارات والقنصليات مراسلة السجناء، تماشياً مع الثورة الالكترونية، في حين لا نواكب نحن هذه الطفرة؟ - النهضة الالكترونية تتقدم بسرعة ولا يمكن تجاهلها، لاسيما في المجالات الخدمية، والمديرية العامة للسجون تنوي في الوقت الحالي تبني مشروعات الكترونية، وصمم موقع الكتروني للمديرية على شبكة الانترنت في شهر رمضان الماضي، يتضمن شرحاً لمسؤوليات المديرية وبرامج التدريب والإصلاح والتأهيل، والرعاية الصحية، وسجون النساء، والمراقبة والمتابعة، ومرافق خدمات السجون والسجناء، ومكتبة مكونة من مواضيع منسقة إلكترونياً، كما يشتمل على إعلانات الوظائف المتاحة، وطلبات التوظيف، ونتائج المقابلات والاختبارات، وهناك تواصل بين المديرية والجهات الحكومية الأخرى وذوي السجناء عبر إرشادهم لمواقع السجون من خلال خرائط ذكية، وتحديد مواعيد الزيارات لكل سجن، إضافة الى التواصل مع جهات أخرى خارج السعودية، وسيقدم الموقع مستقبلاً الخدمة المطلوبة للسجناء والمحامين والجهات القابضة وغيرها. وقد شرعنا فعلياً في مشروع بيع منتجات النزلاء، وكان لزاماً علينا أن نضع مثل هذا المشروع التحفيزي نصب أعيننا، ونوليه جل الاهتمام، من خلال تفعيله بكل الوسائل المتاحة، ويوجد في الموقع وكيل الكتروني يعّرف بمنتجات النزلاء ويقوم بعرضها. السجن والتعليم كم بلغ عدد السجناء المكملين تعليمهم بالانتساب بعد صدور موافقة وزارة التعليم العالي بالسماح بذلك، وهل تتدخل إدارة السجن في اختيار التخصص؟ - عدد بسيط من النزلاء استفادوا من هذا القرار، ومن حيث الشمولية، في إمكان جميع النزلاء مواصلة تعليمهم في جميع المراحل وفق ضوابط يجب مراعاتها، وبعد التنسيق بين ادارة السجن والجامعة المعنية بالدراسة، وفي إمكان النزيل دراسة التخصص الذي يريد من دون إجبار. ونود أن نوضح أن التعليم أحد أهم البرامج الإصلاحية في السجون، سيما أنه يسهم في الحد من الجريمة، ويفتح آفاقاً واسعة تبعد السجين من تكرار الخطأ المؤدي لدخوله السجن. فصل السجون عن مديرية الأمن بعد فصل السجون عن مديرية الأمن العام، كيف تقومون هذه التجربة؟ وما الجوانب التي اكتشفتم أنها تحتاج إلى إعادة نظر؟ - أتى قرار فصل السجون عن مديرية الأمن العام بعد دراسة متأنية ومستفيضة للجوانب والأبعاد الأخرى كافة، ضمن منظومة إصلاحية تسير عليها الدولة، ونحن نتفاءل بمثل هذه القرارت الحكيمة، ومن إيجابياتها اختصار الروتين الإداري والصلاحيات المالية والإدارية المباشرة، لتيسير أعمال السجون وبرامجها الإصلاحية التي تحتاج إلى المباشرة الميدانية، وهو ما يعني أن قرار الفصل مثمر وجيد ولا يحتاج إلى تقويم بل يحتاج إلى تطوير وتفعيل في كل الجوانب والمجالات... إننا في سباق مع الزمن لطرح مشروعات متعددة تتعلق بالأنظمة واللوائح والتجهيزات والبنى الأساسية. بدائل السجن حلول طرحتموها للدراسة، ما هذه البدائل؟ وماذا تم بشأنها؟ - هناك جهود طيبة تبذل في هذا الإطار، إذ عقدت اجتماعات عدة لدرس هذا الموضوع بمشاركة بعض الجهات ذات العلاقة، وتتولى وزارة العدل، بحكم مسؤوليتها عن الجانب القضائي، الاهتمام بهذا الموضوع للوصول إلى النتائج المأمولة، التي تسهم في إيجاد البدائل المناسبة للسجن، بما ينعكس إيجاباً على أصحاب بعض الجنح، الذين يمكن ألا يدخلوا السجن، ويمكن للبدائل أن تؤدي هدفها الإصلاحي والعلاجي، ونتمنى أن يكون ذلك في وقت قريب. الاستثمار في السجون كم يبلغ عدد المصانع المتوافرة في السجون؟ وكم عدد العاملين فيها؟ وما الجهات المستثمرة في السجون؟ - تم افتتاح مصانع كثيرة في السجون، والعمل فيها يشجع على استمراريتها، إذ ان كل من يشغلها من النزلاء توافرت فيهم الضوابط والشروط المطلوبة، والحماسة التي لمستها منهم إدارات السجون الموجودين فيها. وهنا أجدها فرصة لأشيد بهذه التجربة والنجاح الذي تحققه، وهي تجربة جديدة، وانوه إلى أن المساحات لإقامة مثل هذه المشاريع موجودة ومتوافرة في السجون، كما أن الأيدي العاملة من النزلاء المتحمسين، الذين يسعون لتأكيد التوبة والندم على ما اقترفوه من خطأ، يحدوهم للعمل بحماسة لتعويض مافاتهم والإمساك بأولى الخطوات على طريق الاستقامة، من خلال هذه البرامج الإصلاحية. ويبقى الدور منوطاً برجال الأعمال الذين يجب أن يدركوا هذه الفرص المتاحة لهم، التي يستطيعون من خلالها خدمة هذا الوطن، الذي ندين له بكل مانحن فيه من خير وأمن واستقرار.