تشهد هولندا انقسامات عميقة حول الأسلوب الذي يجب اتباعه لانتقاد الإسلام، في حين أعلن نائب من اليمين المتطرف معروف بتصريحاته العنيفة ضد المسلمين، انه سيبث الشهر الجاري على شبكة الإنترنت، فيلماً معادياً للإسلام. واستبعدت حكومة اليسار الوسط, المدافعة عن حرية التعبير في الخارج والتي تحظى بدعم الطبقة السياسية, حظر فيلم النائب غيرت فيلدرز. وقال رئيس الوزراء الهولندي يان بيتر بالكنندي:"في هولندا ليس هناك رقابة مسبقة ولا نرغب في ذلك". لكنه ذكر في المقابل ان"الحرية لا تعفي من المسؤولية"، خشية مواجهة وضع مشابه لقضية الرسوم الكاريكاتورية الدنماركية ما قد يعرض القوات الهولندية في أفغانستان لأعمال انتقامية من قبل حركة"طالبان". وأضاف بالكنندي:"نحن نضمن حرية التعبير وحرية العقيدة للمسلمين وللديانات الأخرى على حد سواء"، مشيراً الى انه"لا يوافق النائب فيلدرز الرأي". وأعلن فيلدرز زعيم حزب الحرية 9 مقاعد من اصل 150 في البرلمان انه سيبث على الإنترنت فيلماً يصور القرآن الكريم على انه"كتاب فاشي"وطالب بمنعه وقارنه بكتاب الزعيم النازي أد ولف هتلر"كفاحي". وكانت الكنائس البروتستانية والكاثوليكية أول من تدخل في القضية، ودعت النائب الهولندي الى الامتناع عن بث هذا الفيلم. وانتقد أسقف اوترخت وسط غيرهارد دي كورت"اللغة السوقية"التي يستخدمها النائب ووصف بها المسلمين بأنهم"متخلفون""همجيون". وأضاف:"من خلال تبادل الشتائم لا نصل الى نتيجة، وكعضو في البرلمان يحق له التعبير عن قلقه. انا أيضاً اشعر بالقلق من بعض العناصر الإسلامية، لكن علينا الا نتجاوز الحدود وان نستخدم لغة سليمة". وقال فؤاد لاروي الكاتب المغربي المقيم في امستردام منذ تسعينات القرن الماضي:"علينا الا ننسى أننا شهدنا هنا حرب أديان في القرن السادس عشر. لقد اقتتل الكاثوليك والبروتستانت. والسلام ارسي على أساس ركائز طائفية يسمح لكل فرد فعل ما يحلو له في بيته لكن من دون انتقاد الآخرين". وفي تلك الحقبة، بدأت انشقاقات تظهر في النموذج المثالي للتسامح الهولندي المتعدد الثقافات. وأضاف أن"فريتس بولكشتاين المفوض الأوروبي السابق هو أول من قال إن المسلمين غير قابلين للاندماج في المجتمع. وأثارت هذه القضية جدالا لكنها لم تصل الى حد الإهانة كما هو الحال اليوم". ورأى أستاذ الفلسفة توماس ميرتنز انه"لم يعد في إمكان النائب ان يختبئ وراء حجة حرية التعبير". وتابع:"عندما يقول وايلدرز"أرى أن ثقافتنا افضل بكثير من تلك الثقافة الإسلامية الرجعية"لا يسعني سوى تذكر حقبة الثلاثينات. إذا قلنا ان الثقافة اليهودية رجعية سيندرج ذلك في إطار القدح والذم والتمييز. لست افهم لماذا لم تلاحقه النيابة العامة بعد". وبحسب الباحث بول شيفر فإن النقاش ليس متيناً بسبب"ضعف الأحزاب السياسية المعتدلة". وقال:"في الجوهر قلة هم السياسيون الذين يعرفون كيف يواجهون تصريحات وايلدرز, والذين لديهم وجهة نظر مدعومة بحجج قوية. انه حقا أمر مؤسف، لأن المتطرفين هم المسيطرون". وخلص الى القول إن"من الصعب اتخاذ موقف من الإسلام يتجاوز الانقسامات السياسية التقليدية بين اليمين واليسار لأن الأحزاب منقسمة".