اجتازت المرشحة الجمهورية لمنصب نائب الرئيس ساره بالين امتحانها الأصعب في السباق الرئاسي، بعد انهائها المناظرة التلفزيونية اليتيمة من دون أخطاء فادحة، في وجه منافسها جوزيف بايدن، ملتزمة خط الجمهوريين المتشدد في السياسة الخارجية الأكثر ليبرالية في السياسة الاقتصادية. وعلى رغم أداء فاق التوقعات للمرشحة الجمهورية، أعطت الاستطلاعات الأولية للناخبين فوزاً لبايدن. وطغى الموضوع الاقتصادي على الشق الأول من المناظرة التي انعقدت في جامعة واشنطن في مدينة سان لويس ولاية ميسوري، وفي ظل الأزمة الحالية. ونجح بايدن في حشر منافسته الجمهورية وتحميل سياسات الرئيس جورج بوش طوال الثماني سنوات الفائتة مسؤولية الأوضاع المتردية. وبدا الخلاف فلسفياً بين مدرستي الديموقراطيين الداعية الى تدخل ورقابة على السوق، والجمهوريين المتمسكين بتقليص الدور الحكومي وحجم الضرائب، وعلى رغم تحاشي بايلن 44 سنة ذكر الرئيس جورج بوش بالاسم، والتأكيد أن ترشحها الى جانب جون ماكين هو فرصة للأميركيين"للتطلع الى الأمام"و"ليس الى الوراء". ولم تغب السياسة الخارجية عن المناظرة. وبرزت خبرة بايدن كرئيس لجنة العلاقات الخارجية وأحد أبرز الوجوه في الكونغرس وعلى أكثر من ثلاثة عقود، في تناقض تام مع بايلن، الوجه الجديد في الساحة السياسية وصاحبة السنتين من الخبرة التنفيذية كحاكمة لولاية ألاسكا. وامتنع السناتور الديموقراطي في الشق الخارجي، عن إعادة تأييده خطة تقسيم العراق التي تتعارض مع توجه المرشح باراك أوباما. واختلف مع بايلن حول الحوار مع إيران ووضع جدول زمني للانسحاب من العراق، وهو ما يعارضه الجمهوريون. وأوضح بايدن أن أي حوار أميركي مع ايران في حال فوزه، لن يكون مع الرئيس محمود أحمدي نجاد، باعتباره"لا يتولى الجهاز الأمني"هناك. وعاتب السناتور الديموقراطي الرئيس بوش لعدم النجاح في احتواء نفوذ ايران، وبدعمه إجراء انتخابات في الأراضي الفلسطينية انتهت بفوز حركة حماس. كما أخذ على الإدارة عدم السماح بنشر قوات حلف الشمال الأطلسي في جنوبلبنان، وكرادع أقوى من قوات حفظ السلام، ولمنع"حزب ال"له من التواجد على الحدود الشمالية لإسرائيل. واعتبر بايدن أن نائب الرئيس ديك تشيني هو"الأخطر"في هذا المنصب، بسبب"ايديولوجيته"وسعيه الى توسيع صلاحيات البيت الأبيض في شكل اعتبره يتنافي مع الدستور. الا أن بايلن توجهت الى الصوت اليهودي في الحملة، بالمزايدة في تأييد إسرائيل، واعتبارها تل أبيب الحليف"الأفضل والأقوى لأميركا في المنطقة"، وتعهدت العمل على حل الدولتين واتفاقية سلام شبيهة بتلك الموقعة بين الأردن ومصر مع الدولة العبرية، انما في الوقت ذاته، أكدت دعمها نقل السفارة الأميركية من تل أبيب الى واشنطن. وفي الحرب على الإرهاب، ركز المرشحان على أهمية زيادة عدد قوات التحالف في أفغانستان، وتحدث بايدن بإسهاب عن نمو تنفيذ القاعدة في منطقة الحدود الأفغانية -الباكستانية ومدى خطورة هذا الأمر على الأمن القومي الأميركي. وبحسب المراقبين، تخطت بايلن التوقعات بعدم ارتكابها هفوة تزعزع مسار السباق، في ظل خبرتها القصيرة على الساحة الوطنية. الا أن التفوق في الأداء والمضمون كان لبايدن. وأعطى استطلاع"سي أن أن"بعد المناظرة تفوقاً بنسبة 46 في المئة لبايدن مقابل 21 في المئة لبايلن. وتحاشى بايدن هجوماً مباشراً على أول امرأة جمهورية تصل هذا المنصب، وركز هجومه على ماكين، كما طبعت المودة والحفاوة بين العائلتين في بداية المناظرة ونهايتها، على عكس سابقتها بين ماكين وأوباما. ولم يعرف بعد مدى تأثير المناظرة في تغيير اللعبة الانتخابية، اذ على رغم نجاح بايلن في كسب القاعدة المحافظة، لم يتضح الأثر على الناخبين المستقلين. وجاءت المناظرة في مرحلة حرجة للجمهوريين في السباق، ومع تراجع ماكين في استطلاعات الرأي ومعظم الولايات الحاسمة، مما فرض على فريقه إعادة مراجعة إستراتيجيته الانتخابية. وأعلنت الحملة تعليق جهودها في ولاية ميشيغان وتسليمها بتقدم أوباما هناك، وتحويل الانتباه الى بنسلفانيا. كما شطبت الحملة ولايتي أويوا وويسكونسن، حيث يتقدم أوباما. وأضافت ولاية ماين في الشمال الشرقي. وتأتي الحسابات الجديدة لماكين قبل أقل من خمس أسابيع على التصويت، وبعد تهاوي شعبيته، بفعل الأزمة الاقتصادية، وتحول المستقلين عنه. وتبنت أمس مجلة"نيويوركر"ترشح أوباما، لمواقفه من الحرب على العراق ورسالة التغيير التي تبنتها حملته. وتوجهت بايلن الى تكساس أمس للمساعدة في جمع تبرعات للحملة، فيما انتقل أوباما الى بنسلفانيا الحاسمة، فيما شارك بايدن بحفلة عسكرية عشية ارسال ولده الى العراق. في غضون ذلك، أوردت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أنها تمكنت من جمع مبلغ قياسي من التبرعات في أيلول سبتمبر الماضي بلغ 66 مليون دولار. ونقلت صحيفة"واشنطن بوست"عن مسؤولي اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري أن هذا المبلغ سيسمح للمرشح الجمهوري بالتنافس بسهولة مع منافسه الديموقراطي. يأتي ذلك فيما يستخدم المرشحان موقعيهما الإلكترونيين ليس للترويج لمواقفهما فحسب، وإنما لتشجيع داعميهما لاستضافة أحداث مختلفة، كالنقاشات الحزبية. تحذير بريطاني في غضون ذلك، كشفت رسالة سرية بعث بها السفير البريطاني في واشنطن نايجل شاينولد الى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون، أنه يعتبر المرشح الديموقراطي للرئاسة الأميركية باراك أوباما شخصاً"قليل الخبرة وانعزالياً ولكنه يعتبر نجماً". ونشرت صحيفة"ذي ديلي تيليغراف"البريطانية تفاصيل كبيرة من الرسائل التي تسربت إليها، والتي ستثير حرجاً ديبلوماسياً شديداً، حيث يمكن اعتبارها بمثابة تدخل في انتخابات الرئاسة الأميركية. وذكر السفير في رسالة التي تقع في سبع صفحات، أن أوباما يعد"ليبرالياً على نحو مؤكد، وأنه قد يكون انطوائياً ولا يتسم بالحساسية". وبعث شاينولد بهذه الرسالة"الحساسة"كما يصفها الى براون قبل زيارة أوباما"10 داونينغ ستريت"قبل شهرين تقريباً، في إطار جولة أوروبية وشرق أوسطية. وعلى رغم انتقادات شاينولد لأوباما، إلا أنه يثني عليه أيضاً فيقول إنه يتمتع بذكاء كبير، وهو نجم ومثقف للغاية وينتمي الى الطبقة المتوسطة العليا. الى ذلك، يحذر شاينولد حكومة بلاده من أن خطة أوباما التي تدعو الى التفاوض المباشر مع القيادة الإيرانية، قد تثير المتاعب لبريطانيا. وتشير التعليقات الى أنه على رغم أن براون يعتبر من الناحية الأيديولوجية أكثر قرباً من الديموقراطيين، إلا أنه حاول مواصلة التزام الحياد بين أوباما والمرشح الجمهوري جون ماكين. لكن علامات استفهام طرحت، بعد أن أشاد بأوباما في مقال كتبه الشهر الماضي وأثار غضب الجمهوريين.