في دول العالم الراقية يحافظ رؤساء الجمهوريات ورؤساء الوزارات على مصلحة الشعب والوطن. وعندما يقع أي خلل في الوضع السياسي أو الاقتصادي أو الأمني، يسارعون الى معالجة الأمر بسرعة. واذا فشل الرئيس في تحليل الأمور وتحديد المسؤولية وتقديم الأفراد المتورطين الى المحاكمة لتأخذ العدالة مجراها من دون تدخل أحد، يقدم استقالته. في عهد الرئيس اللبناني اميل لحود وقعت جرائم واغتيالات لشخصيات سياسية ولم يُقدم أحد على الاستقالة. كان من الأفضل للمحافظة على كرامة الرئيس وسمعته ان يقدم استقالته بعد أول جريمة اغتيال وقعت في عهده، ولو فعل لكان وفر على لبنان كل هذه المهاترات والتشنجات والتدخلات الخارجية. بات المواطن اللبناني يصاب بدوار كلما رأى ان الحكم يتعطل والبلاد تتهدد بسبب خلافات امراء الطوائف. فمن"الترويكا"في التسعينات الى"الثلث المعطل"الى"مقاطعة الشيعة"الى"اسقاط الرئيس في الشارع"الى"حادثة التباريس"في شباط الفائت الى"بس مات وطن"في بداية حزيران يونيو 2006، يزيد قلق المواطن غياب الحرص على الوطن والقيام بأعمال تشلّ الدولة وتهددها بين فينة وأخرى لاسباب، اما تتعلق بمصالح الزعامة الطائفية أو بعلاقاتها الاقليمية. فاحداث الأعوام ال 30 السابقة عابقة بالنوع عينه من الارتباط بالخارج والارتهان له في اوساط الزعامات الطائفية المتعددة منها مع اسرائيل، ومنها مع سورية أو مع عراق صدام ومع السعودية وأميركا وفرنسا. فمن هو حارس النظام اليوم الذي يؤدي دور"أم الولد"بعد زوال حقبة"المارونية السياسية"وطي صفحتها مع الحرب ومع اتفاق الطائف؟ ومَن من بين الافرقاء يرى أن هناك اقتصاداً يحتاج الى استقرار واصلاح، وشعباً يريد أن يعمل ويعيش، ومؤسسات عامة تريد من الزعماء أن يكفوا عن المهاترات ويعودوا الى العمل البناء لمعالجة وضع المالية العامة، وشؤون هجرة الادمغة والبطالة المرتفعة وتراجع الصناعة والزراعة. والأهم من هذه الملفات كلها، معالجة ما هو خطير وسافر: ونعني تبلور الطوائف الى قوة قطبية تتناتش الدولة وتكاد تلغيها. عدنان علي دهيني - انكلترا