بين الاهتمام بشكلها، وهذا حق لها بحيث أصبحت المغنية أنغام من حيث الطلّة امرأة جميلة بعد"ترتيبات"مناسبة، والاهتمام بحياتها الفنية تقديماً لأغان وألبومات، والاهتمام بحياتها الشخصية زواجاً وطلاقاً مرة ويقال مرتين بعد سريان أخبار في الصحافة المصرية عن طلاقها من زوجها الثاني... تحاول هذه المغنية صاحبة الصوت الحساس جداً المرور من بين نقاط المطر، وهذه مهمة صعبة بل مستحيلة. فلا الشكل الجميل يمكن أن يفيد إذا كانت الأغاني التي تختارها أنغام منذ ثلاث سنوات وربما أكثر تُقابَل بالتردد وأحياناً بالبرود من جمهور أحب بداياتها ونوعية الأغاني التي كانت تؤديها واكتشف انها ذهبت الى أغانٍ أخرى مختلفة بقدر كافٍ لينفضّ عنها، ولا الخلافات العائلية التي بدأت أساساً بين أنغام ووالدها الموسيقي ثم انتقلت الى زوجها الأول فزوجها الثاني وما بين هذا وذاك انصراف الى حل المشاكل الشخصية عوضَ الانتباه الى المسيرة الفنية، ولا حتى نوعية الأغاني التي تحولت اليها قدمت ترياقاً جيداً... فتراكم العنصر السلبي الفني والشخصي وأطبق على أنغام من كل جانب، الى حد أمكن القول انها... ضيّعت الطريق! وكي"يكتمل"المشهد، نُقل أخيراً عن إدارة مهرجان الموسيقى العربية انه قطع علاقته بالمغنية أنغام التي كانت تشارك في معظم نشاطاته وكانت تُعتبر إحدى أبرز نجماته المتميزات. هناك موقعان نستطيع الانطلاق منهما لمناقشة تراجع حضور أنغام في الإعلام ولدى الجمهور: الموقع الأول فني وهو التناقض الذي حصل بين شكل الأغاني ومضمونها في المرحلة الأولى التي كانت برعاية الوالد الموسيقي مع شكل الأغاني ومضمونها في المرحلة التالية، والموقع الثاني عائلي وهو"نوع"الكلام الكبير الذي قالته أنغام في حق والدها، وعبر وسائل إعلام واسعة الانتشار، من دون أن تدرك أو تنتبه الى أن المجتمع الشرقي الذي تنتمي اليه هي وينتمي جمهورها إليه لا يحتمل ذلك"النوع"من الاتهام الذي وصل الى تخوم الإهانة... وكانت أنغام تجاهر به حتى في الاتصال المباشر على التلفزيون مع الوالد، إذا حصل. وبعد مدة زمنية ليست بعيدة أعادت أنغام عقارب ساعة الود العائلي الى الوراء أي الى الإيجابية، لكن كانت الأزمة قد انتقلت الى الزوج الأول ثم الزوج الثاني وما بينهما من ضياع الوقت والنفْس والأغاني... أرادت أنغام، كالكثير من المغنيات العربيات الحقيقيات لا المدّعيات، أن تجرّب الأغاني"الدارجة"فثارت أولاً على ألحان والدها التي تبين بعد سنوات انها الأكثر تعبيراً عن صوتها وطاقاته وجمالياته، وانتقلت الى الأغاني المعروفة بلقب"الراقصة"أي المستندة الى"الإيقاع العصري"مع ما يستبطن هذا التوجه من انتقاد بل اتهام غير مُحق لألحان الوالد بأنها"غير عصرية"، فكان الانتقال مفاجئاً، وتحديداً في"سيدي وصالك"- الأغنية التي وجدت مكاناً جيداً، لكن ما جاء بعدها كان تعبيراً عن المشكلة في ذروتها: مشكلة"الاستقالة"من نوعية أغان و"التزام"نوعية أغان أخرى وإحداث بلبلة في مزاج الجمهور، وهو مزاج بنى حيثياته على عوامل فنية"ثقيلة"في صوت أنغام ومضمون أغانيها الموسيقي، فإذا بها تختار فناً"خفيفاً"قاد ذلك المزاج الى الإرباك الواضح الذي انعكس في سرعة قياسية تراجعاً في مبيعات ألبوماتها، وانكفاء في متابعة الجمهور لكليباتها، وتالياً ضموراً في حضور أنغام الإعلامي... يمكن أنغام أن تدافع عن نفسها، طبعاً. يمكنها القول ان مكانها ما زال في وهجه لا بل يكبر. لكن نظرة متأنية، هادئة وعميقة ستكشف لها أن هناك أزمة جدية في تجربتها الفنية ابتداء من الأغاني التي لا تجد جمهوراً متآلفاً، مروراً بالكليبات التي لا"يعلق"منها على الشاشة أثر، وصولاً الى تبدّل مرتبتها في أولويات الإعلام العربي.