تلتزم المطربة المغربية بشرى منذ انطلاقتها قبل عشر سنوات اللون الغنائي الكلاسيكي، وتؤكد أن ابتعادها عن موجة الأغاني الشبابية او الإيقاعية الراقصة، تعبير عن التزام فني لأنها تعتبر أن "زمن الأصالة الفنية التي شهدتها الساحة الغنائية في العصر الماضي ستعود وسأكون جاهزة لاستقبالها". بعد إصدارها آخر ألبوماتها "لا لوما"، التقتها "الحياة" فكان هذا الحوار. ما هو جديدك الذي تطلين به؟ - أصدرت ألبوم "لا لوما" وصورت فيديو كليب لأغنية عنوان الشريط وكانت فكرة عصرية وبطريقة خفيفة، لأن الأغنية تجمع بين الطرب والإيقاع الخفيف. تعاملت مع سامي الحفناوي أكثر من مرة، لماذا؟ - يتضمن شريطي الجديد ثماني أغنيات ليست كلها من ألحان سامي الحفناوي علماً أنه قدم لي الكثير من الألحان في السابق، إلا انني تعاملت إضافة الى سامي، مع عدد كبير من الملحنين منهم من لبنان نور الملاح ومن مصر شاكر الموجي ومن المغرب شكيب العاصمي والشاعر محمد زياتي الأدريسي... وأحببت أن أضيف الى مجموعتي أغنيات قديمة لليلى مراد وأسمهان وأم كلثوم وُزعت بطريقة جديدة وحديثة أعطتها طابعاً مختلفاً عن الأسلوب القديم. هل توجهت نحو الإحتراف من خلال الأغاني الكلاسيكية؟ - مدرستي الفنية بدأت من البيت حيث كان يملك أبي مكتبة غنائية تتضمن أغاني قديمة لأسمهان وأم كلثوم كنت أستمع اليها وأحفظها بسرعة، وبدأت أحفظ الأغاني وأنا بعمر الست سنوات وأعتبرها اليوم أنها كانت أكبر من عمري ككلمات وأداء. وبدأت هوايتي الصغيرة تكبر الى حين دخلت معهد الموسيقى في مدينة فاس التي أنتمي إليها، وتعلمت على آلة البيانو أربع سنوات والسولفاج لأربع سنوات أيضاً وتخرجت من معهد الموسيقى على اساس أن أصير أستاذة فيه، ولكن بدأ بعض الملحنين يعرض عليّ ألحاناً أثناء دراستي. وبدأت الإحتراف عندما بدأت اسافر للمشاركة في مهرجانات نلت فيها جوائز، ومن خلالها بدأت أتعرف إلى المدارس الكبيرة التي تضم مؤلفين وملحنين من العالم العربي وبدأت تأتيني دعوات من طريقهم من المعاهد ودار الأوبرا في مصر وفي تونس وغيرهما. وعلى رغم ذلك لا اعتبر نفسي محترفة بل هاوية لأنني لا أقتنع ولا أرضى عن نفسي دائماً لأنني أريد الأحسن وأسعى إليه. توجهت الى المدرسة المصرية وغنيت لعدد من الملحنين المصريين ولأسمهان، هل تعتبرين أن هذه المدرسة أفضل من غيرها؟ - مدرستي الأولى هي المدرسة الفنية العربية التي اكتسبتها في طفولتي كهاوية فن وبعدها بدأت أكتسب المعرفة من المدرسة الفنية المصرية التي ينتمي إليها عباقرة كبار وقدماء كما في لبنان والمغرب أيضاً. وقد تأثرت بالمدارس الفنية القديمة مثل وديع الصافي والرحابنة وأسمهان، ومن خلالها بدأت وقدمت الأغنية العميقة والخفيفة، ولكنها لا تشبه ما يقدمه جيلي لأنني أفضل التوجه نحو الكلاسيكي لأن الطبع يغلب التطبّع، إلا أنني بدأت أن أتأقلم مع الأجواء وألتزم المحافظة على الأصالة في الأغنية العربية. وألتزم بحضارتنا كعرب تحديداً. لماذا كعرب وليس كأجانب، علماً أن الموسيقى لغة عالمية لا تعرف حدوداً؟ - لأن غالبية الأغاني المصورة والألحان نشهد فيها تضارباً غير واضح، فمن النادر أن نجد أغنية ذات طابع عربي، لهذا أكون حريصة على اختيار الكلمة واللحن الجميلين اللذين ينتميان اليّ كإنسانة وفنانة عربية لأتمكن من إيصال الاغنية الى الناس الذين يملكون إحساساً مرهفاً. صورت أغنية "لا لوما" ومثلت فيها في شكل ناجح، فلماذا رفضت عرض التمثيل؟ - عرض عليّ التمثيل، ولكنني أتهرب من الموافقة بسبب خجلي من التمثيل نفسه لأنه أمر صعب عليّ، لذا لا أدخل الى مجال لا أستطيع أن أكون فيه ناجحة مئة في المئة على رغم أن التمثيل عمل جميل، لكنه يحتاج الى موهبة وهواية وحب للعمل نفسه حتى يتمكن الفنان أن يعطي فيه ويستمر. ولكن أن يكون التمثيل هدفاً لأشياء ثانية فأنا أرفضه حتى لو كان سيدعمني كمطربة، وعندما أشعر بأنني جاهزة لأؤدي دوراً أقتنع به وأتعامل مع نفسي فيه كممثلة، قد أوافق. لقد قيل لي إنني أشبه الممثلة سمية الألفي واعتقدني البعض أختها، وكانت تخيفني الموافقة على التمثيل لهذا السبب، لئلا تضيع شخصيتي لأنني اشبهها فقط. ما الذي ينقص الأغنية المغربية لتنتشر كما هي حال الأغنية المصرية أو اللبنانية والخليجية؟ - ما يميز الأغنية المغربية أنها متعددة اللهجات، فهناك اللهجة البربرية واللهجة الريفية واللهجة الصوفية والدارجة المغربية إضافة الى الراي، وعلى رغم الألوان المتعددة هذه لم يتمكن مطربو المغرب من إيصال الأغنية المغربية الى العالم العربي في شكل مميز. مع أن عبدالقادر دوكالي الذي قدم قصائد وأغنيات مغربية وشارك في أفلام مع ممثلين كبار من كل العالم العربي بينهم الفنان الراحل فريد الأطرش، ساهم في نشر الأغنية المغربية في فترة الستينات من القرن الماضي. ولدينا أيضاً مطربون معروفون على مستوى الأغنية الشعبية مثل حميد الساهر من مراكش الذي يؤدي الأغاني الشعبية والمفهومة ولها لون معين، ولكن لا يوجد في المغرب شركات إنتاج تستطيع أن توفر للفنان مجالاً لإيصال لهجة بلده الى البلدان العربية الأخرى. هل يمكن أن تكون اللهجة هي السبب؟ - للأغنية المغربية طابع خاص ولهجتها مفهومة بدليل ان ما قدمه الشاب مامي وسميرة سعيد ووردة وغيرهم من أغاني الراي بكلماتها المبسطة وصلت الى الكثير من الدول العربية، وأنا قدمت اغاني مغربية وأختار الكلمة ما بين اللهجة الفصحى والدارجة المغربية، مثل أغنية "سوبر ستار" وهي كلمات مغربية، وأنا أحب الإيقاع المغربي مثل الراي اللافت للانتباه. وبنظري لم تأخذ الأغنية المغربية حقها كدعم ولكن اللهجة تصل مثل أي لهجة عربية أخرى عبر الإعلام. تغنين الأغنية الطربية، هل تعتقدين أن شركات الإنتاج مهتمة حالياً بتقديم هذا اللون؟ - بات الفن في شكل عام معرضاً لأزمات، فنحن نرى في الفترة الأخيرة تضارباً في الأنغام الموسيقية والغنائية من خلال المزج بين النغم العربي والغربي، ونجد أن البعض يريد تقليد الغربيين... والغربيون يريدون تقليد العرب، وهذا أمر غريب بينما الطرب موجود ويبقى طرباً ويبقى له مستمعوه، وأنا متأكدة من أن زمن أصالة الأغنية العربية سيعود لأن لا أحد يستطيع أن ينكر اصله وجذوره. وهذا لا ينفي أن تبقى الأغنية خفيفة وإيقاعية وذات مضمون حساس وتجارية في الوقت نفسه. لديك مشاريع لغناء الدويتو، ماذا عنها؟ - هناك مشاريع أدرسها مع بعض المطربين من سورية ولبنانوتونس والمغرب، وسأختار الموضوع والصوت المناسبين لنقدم معاً أغنية جميلة تعجب الناس من ناحية الفكرة والكلمة واللحن والتوزيع، لأن كل هذه العوامل تلعب دوراً مهماً في نجاح الأغنية وتؤثر بالتالي في مسيرة الفنان.