سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
الوسيط حاول إقناعه ب"التمديد" والبقاء في منصبه نافياً علاقة دمشق بكلام قانصوه . الحريري لمسؤول أمني كبير : لماذا أبقى رئيساً للحكومة اذا كنت متهماً بأنني أميركي؟
بذل عدد من المقربين من العهد ومن سورية جهوداً خلال الاسبوع الماضي من أجل معالجة تداعيات أحداث الاسبوعين الماضيين المتعلقة بالخلاف بين رئيسي الجمهورية اميل لحود والحكومة رفيق الحريري، حول فكرة "السواب"، وحول تصريحات وزير الدولة الأمين القطري لحزب البعث عاصم قانصوه، الذي قال فيها انه اذا أراد رئيس الحكومة الذهاب فلن يتمسك به أحد. وتشير مصادر ثقة ل"الحياة" الى ان اعلان الحريري قبل أكثر من أسبوع، انه لم يعد راغباً في العودة الى رئاسة الحكومة اذا استمرت الأمور على الوتيرة نفسها، كان موضوع دراسة عند بعض المسؤولين السوريين الذين استغربوا هذا الكلام، وعند بعض المحيطين بالرئيس لحود. وتقول المصادر نفسها إن الجهود التي بذلت مطلع الاسبوع الماضي من أجل ايجاد تسوية لقضية استبدال استحقاقات ديون لبنان للعامين 2005 و2006، بديون تستحق بعد خمس سنوات، هي التي خرج بها مجلس الوزراء في جلسته يوم الخميس الماضي والتي واكبها مسؤولون سوريون عن كثب، كانت مناسبة لمفاتحة بعض الوسطاء الحريري بموقفه الأخير في شأن عدم رغبته في البقاء في رئاسة الحكومة. وتفيد معلومات مصادر الثقة هذه، بأن بين الاتصالات واللقاءات البعيدة من الاضواء التي حصلت اجتماع أحد كبار المسؤولين الأمنيين المقربين من لحود مع الحريري، حيث بحث الجانبان صيغة التوافق على "السواب"، وأكد خلاله الحريري ان ليس صحيحاً أنه يرفض الفكرة التي طرحها لحود بالمطلق، بل انه يربط الاقدام عليها بمدى ملاءمة أرقام الفائدة التي سيدفعها لبنان لمصلحة الخزينة ومبدأ خفض الفائدة الذي كان وراء فكرة استبدال الدين منذ البداية ومن ثم في "باريس - 2"، بهدف خفض خدمة الدين وصولاً الى خفض عجز الموازنة. وتضيف المصادر: "أفضى النقاش حول "السواب"، بعد استعراض للوضع النقدي والمالي للأسواق، ولاستحقاقات لبنان، وللتوقعات المتضاربة في شأن مدى ارتفاع أو انخفاض الفائدة في الأسواق العالمية، الى أن يبدأ لبنان باستدراج عروض من أجل استبدال استحقاقات العام 2005 من سندات "يوروبوند" التي تبلغ قيمتها زهاء 8،2 بليون دولار أميركي، وأن تشمل المرحلة الأولى منها 5،1 بليون دولار وفقاً لملاءمة الفائدة لمصلحة لبنان. وقد نقل هذا التوافق الى رئيس الجمهورية لاحقاً وأدى الى اصدار قرار مجلس الوزراء كما صدر، على أن يتم استبدال الاستحقاقات بالليرة اللبنانية وفقاً لآلية يضعها مصرف لبنان كما جرت العادة، باتصالاته مع المصارف". وتقول المصادر نفسها، التي هي على صلة بالوسطاء، "ان المسؤول الأمني اللبناني انتقل الى مناقشة الحريري بإعلانه الزهد برئاسة الحكومة وهو يقصد بعد الاستحقاق الرئاسي وسأله عن خلفيات هذا الموقف، موحياً اليه بأن عليه التريث في هذا الأمر وأن الظرف قد يقتضي بقاءه اذا لم يكن في الحكومة الأولى للعهد المقبل، التي ستكون مهمتها التحضير للانتخابات النيابية بعد ستة أشهر، ففي الحكومة التي تلي الاستحقاق النيابي". وذكرت المصادر ان الحريري قدم مطالعة طويلة حول أسباب اعلانه عن رفضه العودة الى رئاسة الحكومة كالآتي: 1 - انني استمريت في المنصب على رغم اعتراضي على أمور كثيرة، لكن رد الفعل على موقفي هذا كان انني أريد البقاء في رئاسة الحكومة وأن الحريري يقبل بكل التنازلات وبالتخلي عن بعض صلاحياتي لمجرد البقاء في المنصب. وهذا دفع بالكثيرين من المحيطين بالعهد الى التعاطي معي على أساس هذه القاعدة وهذا أدى أيضاً الى شعور بعضهم بأن في إمكانهم طلب المزيد من التنازلات مني. وأنا قررت عدم العودة الى رئاسة الحكومة من أجل التأكيد للجميع انه اذا كان أي فريق يبني حساباته على أساس هذه القاعدة، فلا يخطئ الحساب، منذ الآن، وبالتالي لست عائداً الى رئاسة الحكومة. 2 - كانت هناك أسباب كثيرة كي لا أستمر في رئاسة الحكومة لكنني استمريت وكان الحلفاء يقولون لي ان هذا يخدم التحالف الوطني والقومي مع سورية في هذه المرحلة ولأنني جزء من هذا التحالف. لكن في المقابل جميع أفرقاء هذا التحالف هم من الشرفاء والصادقين والوطنيين والقوميين، بينما أنا أتهم في العلن وفي الكواليس من قبل بعض رموز هذا التحالف بأنني غير موثوق وأنني تارة أفتح على الأميركيين وأخرى أفتح على الفرنسيين وغيرها بأنني أجري اتصالات تحت الطاولة وأنني لست حليفاً صادقاً لسورية. فإذا كان بعضهم يقدم صورتي على هذا الشكل ويتعامل معي في رئاسة الحكومة لماذا أبقى؟ أليس من الأفضل أن يتحرر مني الحلفاء الذين يوجهون الي كل هذه الاتهامات، خصوصاً ان بينهم من هم وزراء في الحكومة؟ وهنا أبلغ الضابط اللبناني الوسيط الحريري، بأنه اذا كان يقصد التصريحات التي أدلى بها قانصوه ولمح فيها الى أن رئيس الحكومة في خندق الخصوم اذا قرر عدم الانسجام مع الاجتماع الذي عقد بين رئيس فرع جهاز الأمن والاستطلاع في القوات السورية العميد الركن رستم غزالة ورئيس حركة "أمل" رئيس المجلس النيابي نبيه بري والأمين العام ل"حزب الله" السيد حسن نصرالله، فإن القيادة السورية براء من هذا الكلام ولا توافق على ما قاله قانصوه. 3 - اننا نواجه أزمة اقتصادية، أبذل منذ البداية جهوداً من أجل التوافق على الخطوات المطلوبة لمعالجتها. ولكنني أسمع ليل نهار الاتهامات التي تكال لي وتحملني مسؤولية هذه الأزمة ولا تجد في غيري هدفاً للاتهامات. فالحريري هو الذي أوصل البلد الى هذا الحجم من الدين. ولكن أنا أسأل: هل أنا المسؤول عن أزمة الكهرباء وعن الضمان الاجتماعي وعن كازينو لبنان وعن مصاريف القوات المسلحة وعن بنك المدينة وعن غيرها من القطاعات التي يعرف الجميع أن لا ناقة لي ولا جمل فيها؟ وأنا سبق أن قلت مرات عدة إن هناك مسائل أنا مسؤول عنها، وإذا من محاسبة لي عليها فلنقم بها وأنا مستعد، لكن لا يجوز تحميلي مسؤولية كل شيء. وأنا حينما قلت انني لم أعد راغباً في رئاسة الحكومة اعتقد بعضهم انني أقصد الرئيس لحود ولكنني كما أوضحت للمسؤولين السوريين فأنا لم أقصده. ومن تعدادي للقطاعات التي تعاني مشكلة من الواضح انني لا أقصده هو لأنه ليس مسؤولاً عنها. وأضاف الحريري بحسب المصادر الموثوقة: "أنا لهذا السبب طرحت الاصلاح الاداري والمالي حينما ناقشنا فكرة السواب، وأنا أعتبر ان تنفيذ الفكرة من دون هذا الاصلاح لن يؤتي ثماره". وتفيد المصادر نفسها بأن المسؤول الأمني أقر للحريري بصحة وجهة نظره في كثير من الأمور التي طرحها، لكن الحريري انتهى الى القول: "إذا كانت الاتهامات تكال لي بأنني المسؤول الوحيد عن الأزمة وأنا أعرف مدى مسؤوليتي ومسؤولية غيري، فلماذا أبقى وأتحمل مسؤولية ما لست مسؤولاً عنه؟". إلا أن مصادر الثقة قالت ل"الحياة" ان الضابط الكبير المقرب من لحود سأل الحريري مجدداً عما اذا كان سيبقى على موقفه اذا طلبت منه القيادة السورية العودة الى رئاسة الحكومة في العهد المقبل، وإذا حصل التمديد للرئيس لحود، فاستمر على موقفه. وذكرت المصادر نفسها ان المسؤول الأمني سعى لمعرفة موقف الحريري من التمديد فكان جوابه انه ما زال على موقفه بأنه سيتصرف وفق ما تراه سورية في هذه الحال ولن يحيد عن هذا التوجه، وهذا لا علاقة له برئاسة الحكومة.