دخل مجلس الشورى الاصلاحي في عملية تحد كبرى مع السلطة القضائية التي يسيطر عليها المحافظون إذ رفض انتخاب أسماء اقترحها رئيس القضاء هاشمي شاهرودي لعضوية المجلس الدستوري لملء ثلاثة مقاعد شاغرة للأعضاء الحقوقيين ما دفع بمرشد الجمهورية آية الله علي خامنئي الى ارجاء جلسة تنصيب الرئيس محمد خاتمي وأدائه القسم أمام البرلمان اليوم. رفض مجلس الشورى البرلمان الايراني الذي يهيمن عليه الاصلاحيون أمس غالبية مرشحي السلطة القضائية لمجلس صيانة الدستور، الهيئة التي يسيطر عليها المحافظون، واكتفى بانتخاب عضو واحد من أصل ثمانية اعضاء اقترحهم رئيس السلطة القضائية هاشمي شاهرودي، في يوم طويل من شد الحبال إمتد على جلستين للبرلمان صباحية ومسائية، ما يفتح الطريق أمام اندلاع أزمة جديدة بين مجلس الشورى وهذه السلطة. فيما رأت المصادر المحافظة في البرلمان ان هذه الخطوة تؤدي الى تعطيل تنصيب الرئيس محمد خاتمي وأدائه القسم أمام البرلمان اليوم لأن الدستور ينص على حضور أعضاء المجلس الدستوري الجلسة. وترفض الغالبية الاصلاحية البرلمانية هذا التفسير للدستور، وتؤكد ان المجلس الدستوري "مكتمل قانونياً لأن مجموع عدد أعضائه يفوق حد النصاب القانوني، إذ يضم حالياً عشرة أعضاء من أصل 12"، مضيفة انه "ليس من مشكلة قانونية أمام عقد جلسة أداء القسم". والمجلس الدستوري مكلف قانونياً بالمصادقة على القوانين التي يقرها البرلمان بعد التحقق من توافقها مع الدستور والشريعة الاسلامية، اضافة الى المصادقة على نتائج كل الانتخابات في ايران نيابية وبلدية ومراقبة مدى صحتها ونزاهتها، ويحق له الطعن بنتائجها وإلغاءها، كما انه يصادق على أهلية كل المرشحين اليها، بما يجعله يتمتع بنفوذ كبير. ويتألف المجلس من اثني عشر عضواً، ستة من فقهاء الدين يعينهم مباشرة المرشد آية الله علي خامنئي وستة من الحقوقيين، ينتخبهم البرلمان بعدما يقترح اسماءهم رئيس السلطة القضائية. وتجدد عضوية نصف اعضاء المجلس الذين يعينهم البرلمان لستة اعوام كل ثلاث سنوات. وصادق البرلمان على تعيين احد رجال القانون الستة، ابراهيم عزيزي، فيما رفضت غالبية النواب عضوية المرشحين الآخرين. واحتج الاصلاحيون لدى شاهرودي لأن الاسماء المقترحة لملء المقاعد الثلاثة الشاغرة غير كافية، وانه لا بد من وضع اسماء اخرى لإفساح المجال أمام النواب لاختيار الأفضل، علماً انهم اعلنوا خلال الاسابيع الماضية عدم موافقتهم على "الاختيار السياسي جدا" لرئيس السلطة القضائية لاولئك المرشحين. وفي ختام عملية "شدّ الحبال" في الجلسة الصباحية التي لم تحسم الجدل حيث رفض البرلمان انتخاب الاعضاء الثلاثة وصوت فقط لصالح واحد من الاسماء الستة المقترحة، اعلن رئيس مجلس الشورى مهدي كروبي عقد جلسة مسائية من اجل التصويت لصالح مرشحين جدد يقدم اسماءهم رئيس القضاء لملء المقعدين الشاغرين. لكن شاهرودي لم ينصع تماماً لرغبة النواب فقدم قائمة من أربعة اسماء تضم اثنين كانا رفضا في جلسة الصباح. وتحولت العملية الى تجاذب يسعى فيها البرلمان الاصلاحي الى ادخال شخصيات جديدة غير محسوبة على المحافظين في محاولة للتقليل من نفوذهم داخل المجلس الدستوري وبالتالي السعي الى قلب المعادلة داخله على المدى البعيد. لكن النائب الاصلاحي محسن ميردامادي كان اكثر وضوحاً عندما قال: "إن الاسماء المطروحة هي شخصيات سياسية" في اشارة الى انتمائها لمعسكر المحافظين، وردّ شاهرودي بان هذه الاسماء هي من الشباب الكفء. وكان من بين الذين رفضهم البرلمان في جلسته الصباحية حسين مير محمد صادقي الناطق باسم السلطة القضائية وحسين علي أميري رئيس عدلية محافظة فارس جنوبايران وتم انتخاب الحقوقي ابراهيم عويزي فقط في جلسة الصباح، فيما أعاد شاهرودي طرح اسمين ممن رفضوا صباحاً على الجلسة البرلمانية المسائية هما عباس علي كد خدائي ومحسن اسماعيل، اضافة الى اسمين جديدين هما فضل الله موسوي وأبوالفضل مؤتيان. وحرص شاهرودي على وضع تجاوبه مع النواب في خانة السعي الى التفاهم وعدم الخلاف بين القضاء والبرلمان. وقال في رسالة وجهها الى رئيس المجلس مهدي كروبي انه "نظراً الى حاجة ايران للوفاق ووحدة الكلمة والبعد عن الخلاف بين مجلس الشورى الاسلامي البرلمان والقضاء" فإنه اقترح اسماء جديدة على رغم انه "غير ملزم قانونياً بذلك حسب تفسير المجلس الدستوري للقانون". ويبدو ان النهج الذي اتبعه الاصلاحيون في هذه القضية يرمي في المرحلة المقبلة الى الدفع نحو ممارسة رقابة على عمل الحقوقيين في المجلس الدستوري انطلاقاً من واقع مفاده ان الحقوقيين منتخبون من قبل البرلمان، ما يمكن ان يرسخ حقيقة جديدة مفادها اشراف البرلمان الاصلاحي على جزء مهم من عمل المجلس الدستوري المحافظ المكلف بدوره السهر على دستورية القوانين البرلمانية وعمل البرلمان. ويأخذ الاصلاحيون على المجلس الدستوري رفضه مرشحين من تيارهم في كل انتخابات تجري في البلاد، وتجميد غالبية القوانين التقدمية التي تبناها مجلس الشورى خلال الاشهر الماضية، مثل تلك المتعلقة بتحرير الصحافة والاستثمارات الخارجية لا سيما تحديد الجنح السياسية التي رفضها اعضاء مجلس صيانة الدستور ال 12 كلها.