يتصاعد التوتر بين إسرائيل وإيران على وقع ضربات عسكرية، ومفاوضات متعثرة، وحسابات إقليمية ودولية دقيقة. فبين إقرار إيراني بتضرر منشآت نووية نتيجة ضربات أمريكية، وإشارات إسرائيلية إلى خيارات عسكرية إضافية، تتكشف ملامح صراع مفتوح تحكمه معادلات الردع، وحدود التصعيد، وتباينات في أولويات الحلفاء. تضرر المنشآت أقر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، بتعرض منشآت بلاده النووية لأضرار كبيرة جراء الضربات الأمريكية التي نُفذت في يونيو الماضي، مشددًا في الوقت نفسه على أن البنية التقنية للبرنامج النووي الإيراني لا تزال قائمة. وأوضح عراقجي أنه كان على تواصل مباشر مع المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف خلال الأشهر التي سبقت الضربات، في إطار مفاوضات تتعلق بالبرنامج النووي، ما يعكس وجود قنوات اتصال سياسية لم تمنع في نهاية المطاف الخيار العسكري. تصعيد جديد على الجانب الإسرائيلي، كشفت تسريبات إعلامية توجه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لطرح ملف إيران بقوة خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. وبحسب تقارير إسرائيلية، يسعى نتنياهو إلى مناقشة توجيه ضربة إضافية لإيران، لا تستهدف بالضرورة المنشآت النووية، بل تركز على برنامج الصواريخ الباليستية، في محاولة لإعادة رسم قواعد الردع. تباينات أمريكية إسرائيلية في المقابل، تُظهر مؤشرات وجود تباين في الأولويات بين واشنطن وتل أبيب. فبينما تركز الإدارة الأمريكية على احتواء التصعيد وتجنب انزلاق إقليمي واسع، يدفع نتنياهو باتجاه مقاربة أكثر تشددًا تجاه إيران. وأشارت تقارير إلى أن هذا التباين بات واضحًا حتى قبل انعقاد أي لقاء رسمي، ما يعكس اختلافًا في تقدير المخاطر، وحدود العمل العسكري. الموقف الأمريكي من جهته، أكد وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أن جوهر الخلاف مع إيران يتمثل في مخاوف واشنطن من سعي طهران لامتلاك سلاح نووي، معتبرًا أن هذه القضية تمثل أولوية قصوى في السياسة الأمريكية تجاه إيران. وأضاف روبيو أن الخلاف لا يقتصر على الملف النووي، بل يشمل ما تصفه الولاياتالمتحدة ب«دعم إيران جماعات مسلحة إقليمية»، إلى جانب انتقادات تتعلق بسجل حقوق الإنسان داخل البلاد. القنبلة النووية في المقابل، كررت السلطات الإيرانية نفيها السعي لامتلاك سلاح نووي، مؤكدة تمسكها بحقها في تطوير التكنولوجيا النووية لأغراض سلمية، بما في ذلك تخصيب اليورانيوم. وشدد الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان على استعداد بلاده للخضوع لآليات التحقق التي تعتمدها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، معتبرًا أن المطالبة بوقف تطوير الصواريخ الباليستية تمثل خطًا أحمر، خاصة بعد الضربات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع داخل إيران في حرب استمرت 12 يومًا خلال يونيو الماضي. تخصيب اليورانيوم أشارت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية خلال الأشهر الماضية إلى أن مستويات تخصيب اليورانيوم في إيران تجاوزت 65 %، وهي نسبة قريبة تقنيًا من العتبة المطلوبة لإنتاج سلاح نووي. وعلى الرغم من أن التقرير الأخير لم يؤكد بشكل صريح وجود برنامج عسكري نشط، فإن الوكالة طالبت بعودة مفتشيها إلى إيران، بعد أن علّقت طهران تعاونها معها منذ يوليو الماضي، عقب انتهاء المواجهة العسكرية مع إسرائيل. مفاوضات متعثرة أجرى الجانبان الأمريكي والإيراني خمس جولات تفاوضية في محاولة لإحياء الاتفاق النووي، إلا أن المسار الدبلوماسي تعطل عندما شنت إسرائيل غارات جوية على مواقع نووية وعسكرية داخل إيران، قبل انضمام الولاياتالمتحدة لاحقًا إلى هذه الضربات. وجاءت هذه التطورات في لحظة كانت تستعد فيها طهران لجولة تفاوضية جديدة، ما عزز الشكوك الإيرانية حيال جدوى المفاوضات في ظل استمرار الخيار العسكري. السيناريوهات المفتوحة: • احتواء متبادل مع استمرار الردع دون تصعيد مباشر • ضربة إسرائيلية محدودة تستهدف برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني • تصعيد عسكري واسع بين إسرائيل وإيران مع تدخل أطراف إقليمية • عودة مشروطة للمفاوضات النووية تحت ضغط دولي • تشديد العقوبات الاقتصادية مع تجميد المسار العسكري مؤقتًا • انزلاق غير محسوب نتيجة خطأ ميداني أو ضربة خاطئة