غادر المنتخب الوطني منافسات البطولة العربية دون أن يحقق الهدف الذي تطلعت إليه الجماهير، ليخرج خالي الوفاض رغم الآمال الكبيرة التي سبقت المشاركة. خروجٌ أعاد فتح ملفات عديدة، وطرح تساؤلات مشروعة حول الأداء، والاختيارات، ومدى الجاهزية الفنية والذهنية في مثل هذه الاستحقاقات. منذ المباراة الأولى، بدا أن المنتخب يفتقد للهوية الواضحة داخل الملعب. تذبذب في المستوى، وبطء في التحول من الدفاع إلى الهجوم، وضعف في استثمار الفرص السانحة، وهي عوامل تكررت في أكثر من مواجهة وأسهمت بشكل مباشر في تعقيد المهمة. ورغم امتلاك بعض العناصر القادرة على صناعة الفارق، إلا أن الأداء الجماعي لم يرتقِ إلى مستوى المنافسة. فنيًا، لم تكن الحلول حاضرة في اللحظات الحاسمة. تغييرات متأخرة، وقراءات لمجاراة مجريات اللعب، جعلت المنتخب يدفع ثمن التفاصيل الصغيرة التي غالبًا ما تحسم البطولات القصيرة. كما أن غياب الانسجام بين الخطوط، خصوصًا في وسط الميدان، انعكس سلبًا على السيطرة والإيقاع. أما على الصعيد الذهني، فقد ظهر التأثر بالضغط الجماهيري والإعلامي، وهو أمر يتطلب عملًا أعمق على الإعداد النفسي، خاصة في البطولات التي لا تحتمل الأخطاء. فالفارق بين المنافسة على اللقب والخروج المبكر، غالبًا ما يكون في التركيز والثقة داخل الملعب. الخروج من البطولة العربية يجب ألا يُنظر إليه كنهاية الطريق، بل كنقطة مراجعة صادقة. مراجعة تبدأ بتقييم التجربة كاملة، من الاختيارات الفنية إلى برنامج الإعداد، مرورًا بمنح الفرصة للعناصر الشابة القادرة على ضخ دماء جديدة، وبناء منتخب أكثر توازنًا واستقرارًا. الجماهير كانت ولا تزال الداعم الأكبر، لكنها في المقابل تنتظر رؤية منتخب يعكس تطور كرة القدم الوطنية، ويقاتل حتى اللحظة الأخيرة. فالخروج خالي الوفاض مؤلم، لكنه قد يكون خطوة ضرورية إذا ما استُثمر بالشكل الصحيح نحو مستقبل أفضل.