يتعرض رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون لانتقادات حادة من مصادر مختلفة لاسباب متنوعة. وتأتي هذه الانتقادات ليس فقط من شخصيات في حزب العمل المشارك في حكومته الائتلافية وعدد من المعلقين السياسيين البارزين في الصحافة الاسرائيلية، وانما ايضا من الجناح المؤيد داخل حزبه ليكود لخصمه اللدود رئيس الوزراء السابق بنيامين نتانياهو. وعبر رئيس اللجنة المركزية لليكود تساحي هنغبي صباح امس للاذاعة الاسرائيلية عن غضبه من تصريحات شارون المؤيدة لاقامة دولة فلسطينية. ولمح هانغبي الذي يعتبر من أبرز أنصار نتانياهو الى ان لجنة ليكود المركزية يجب ألا تسمح لشارون بالبدء في مفاوضات سلام تسفر عن قيام دولة فلسطينية مستقلة. ونقلت صحيفة "معاريف" عن وزير الخارجية الاسرائيلي العمالي شمعون بيريز انتقاده الشديد لقرار شارون منع الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات من التوجه الى بيت لحم للمشاركة في احتفالات عيد الميلاد المجيد، وقوله: "بدلا من الحديث عن المسيح وحده، تحدث العالم هذا الاسبوع عن المسيح وعرفات. ولم يعد علينا هذا الا بالضرر". وكتبت صحيفة "هآرتس" في افتتاحيتها امس ان شارون "تمسك بعناد مذهل بقراره منع الرئيس ياسر عرفات من الذهاب الى احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم على رغم كل الضغوط الدولية والمعارضة الداخلية بل ودهشة وزارة الخارجية وحتى الجيش وبعض انصار شارون اليمينيين". ورأت الصحيفة ان ذلك القرار خدم مباشرة مصلحة عرفات "الذي يسعى الى وضع نفسه في موضع حامي الاماكن المقدسة التي تطوقها الدبابات الاسرائيلية، كما انه القرار انتشله دفعة واحدة من الزاوية المعزولة التي وضعه شارون فيها اخيرا". وتساءلت "هآرتس": "ما الذي سبب هذا القرار الاخير، مزيج من الغباء وحب الاذى؟"، وخلصت الى ان كل الدلائل تشير الى ان سياسة شارون ليست اكثر من تفويت كل فرصة لابداء لفتة تصالحية بناءة حتى من اكثر الانواع هامشية. ويعزز قرار شارون الاخير الشكوك في ان هوسه الشخصي بتصفية الحسابات مع عرفات والمحافظة على الوضع الراهن يأتيان حقيقة في قمة اجندة رئيس الوزراء، وليس وعده بجلب السلام والامن". وحمل الكاتب الصحافي الاسرائيلي داعية السلام المعروف اوري افنيري على شارون لوصفه عرفات بأنه "عديم الاهمية" وقال انه "اذا كان الصراع الاسرائيلي - الفلسطيني اشتباكا بين حركتين تاريخيتين كبيرتين، فإن شارون وعرفات ابرز ممثليهما ... من جهة هناك الصهيونية وهدفها غير المتغير هو جعل اسرائيل، من البحر الى نهر الاردن على الاقل دولة يهودية متجانسة. و"نظرية المراح" هي نظرية الصهيونية، والمستوطنون هم من ينفذونها. ومن جهة اخرى هناك الحركة الوطنية الفلسطينية التي تسعى الى اقامة دولة فلسطينية مستقلة على الارض الفلسطينية. ولعدم وجود بديل، فإن الفلسطينيين يكتفون ب22 في المئة من الارض الواقعة بين نهر الاردن والبحر الابيض المتوسط". وختم افنيري بالقول ان "من يدعي ان شارون ليس لديه خطة سياسية يرتكب خطأ. ذلك ان لديه خطة هي: الاستمرار في الهجوم والتخلص من القيادة الفلسطينية لكسر معنويات الشعب الفلسطيني وجلب حركة حماس الى السلطة ليثبت انه "لا يوجد احد يمكن التحدث اليه". انه يعتقد بأن الفلسطينيين سيهربون في النهاية كما حدث في العام 1948 او يوافقون على سجنهم في جيوب معزولة بانتوستونات". واضاف افنيري: "امام هذا الهجوم تبنى عرفات الاستراتيجية الكلاسيكية التقليدية: الصمود. عدم التزحزح، عدم الاستسلام، عدم الانجرار الى حرب اهلية. وهو يستخدم، بجرعات متنوعة، كل الاسلحة الشحيحة في جعبته: السياسة، الديبلوماسية والعنف - لتمكين شعبه من الصمود - وأعظم ذخر لديه هو قدرة الشعب الفلسطيني على تحمل المعاناة، وهي قدرة تثير جنون الجيش الاسرائيلي".