تصاعدت حدة الانتقادات في اسرائيل لسعي رئيس الحكومة ايهود باراك تشكيل حكومة طوارئ وطنية تضم زعيم حزب ليكود أرييل شارون لما يرمز له في نظر العالم من تطرف وعنصرية في الوقت الذي نفض رئيس الوزراء الاسرائيلي وزعيم الحزب اليميني السابق بنيامين نتانياهو الغبار عن وجهه استعدادا لدخول المعترك السياسي من جديد. ووصف مراسل صحيفة "هآرتس" السياسي المعروف عكيفا الدار محاولة باراك ضم شارون لحكومة الطوارئ ب"ضابط الاطفائية الذي اعتاد على اشعال النار في احدى قواعد سلاح الجو الاسرائيلية حتى يحظى بترقية بفضل معالجته الجيدة للحرائق". وقال المراسل ان ادخال شارون الى الحكومة "يصب في مصلحة الفلسطينيين" لأن عرفات يعرف ان اسم شارون يذكر في نفس المستوى مع ميلوشيفيتش في الدول العربية والغربية. وأضاف ان باراك ليس بحاجة الى شارون "الذي لم ينجح ارتور فيلنشتاين وجيمس كارفيل معا" باعتباره حمامة سلام" لمواجهة حالة الطوارئ التي تعيشها اسرائيل وان لديه من "الجنرالات" ما يكفي لادارة الحرب مع الفلسطينيين بدءاً من "الفريق احتياط باراك والفريق احتياط امنون شاحاك واللواء احتياط متان فلنائي والعميد احتياط افرايم سنيه والعميد احتياط بينامين بن اليعازر. وانه لا يحتاج الى اللواء احتياط شارون لقصف بيت جالا بشدة أكبر". وشن أحد كبار رجالات حزب العمل الذي يرأسه باراك هجوماً شديداً على سياسة الأخير، وقال في رده على سؤال للاذاعة الاسرائيلة هل يؤيد قرار باراك أخذ "وقت مستقطع" من المفاوضات مع الفلسطينيين: "بالتأكيد أؤيد. فليأخذ رئيس الوزراء وقتاً مستقطعاً من تصريحاته، فهو عديم الخبرة الحزبية والسياسية يطلق التصريحات المؤذية لاسرائيل". وقال أحد كاتبي الاعمدة في صحيفة "معاريف" دوف غولدشتياين: "نحن بحاجة ماسة الى وقت مستقطع حتى الانتخابات المبكرة والمحتمة من هذا الرجل الذكي الذي فشل فشلاً ذريعاً في امتحان الواقع المحبب إليه كثيرا". ووصف الكاتب الاسرائيلي باراك بالمغرور الذي يستخف بغيره "والذي يطلق أقوال الهراء ويحطم قوة الردع الاسرائيلية والذي خيب آمال الفلسطينيين والاسرائيليين وربما أيضا الرئيس كلينتون". أما صحيفة "هآرتس" كبرى الصحف الاسرائيلية، فقد دعت "اليسار الى عدم تمكين باراك من ارتكاب خطأ جسيم وقتل ما تبقى من فرص السلام" من خلال اقامة حكومة وحدة وطنية بمشاركة شارون. وفي هذه الاثناء، خرج نتانياهو ليعلن بوضوح معارضته تشكيل حكومة وحدة وطنية طالما لم يمتثل باراك لشروطه التي نجح في اقناع 10 من أصل 19 عضواً في اللجنة المركزي لحزب ليكود بأنها القاعدة التي على شارون الانطلاق منها في مفاوضاته الائتلافية مع باراك. وقال نتانياهو انه يؤيد حكومة طوارئ "محددة الوقت لاننا نعيش حالة طوارئ، وفي نهايتها يجب التوجه الى انتخابات ونمكن الشعب من قول كلمته"، مشدداً بذلك على شرط حزب ليكود ان يكون عمر هذه الحكومة محدوداً. وفي خضم النقاش الاسرائيلي الداخلي في شأن تشكيل حكومة الطوارئ، قال امين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس ابومازن انه "عندما يتحدثون عن ضم شارون فإنهم يتحدثون عن اقفال عملية السلام من حيث البداية والنهاية"، مشيرا الى ان الاسرائيليين لا يحتاجون الى شارون للتوصل الى ذلك "لأنهم سيحصلون عليها في وجود حكومة باراك وحده".