بعد تجواله المديد في أراضي الله الواسعة، يبدو ان الشاعر أدونيس حنّ أخيراً الى مسقط رأسه في قرية "قصابين" بالقرب من مدينة اللاذقية الساحلية، فقرر العودة اليها، والاقامة فيها، بعد "منفاه" الاختياري في باريس ومدن غربية أخرى. وخلال العطلة الصيفية، أشرف الشاعر بنفسه على بناء بيت كبير له على تلةٍ في قريته الجبلية الجميلة، وخصص قسماً منه، ليكون "مكتبةً ثقافية عامة" تضم مكتبته الخاصة، اضافةً الى كتب اخرى. وستكون مفتوحةً أمام القراء والناشطين الراغبين في تفعيل الحياة الثقافية في بلدته ندوات شعرية... محاضرات.... وخصص قسماً آخر كمرسم للفنانين التشكيليين، مجهز بالأدوات اللازمة، وسيكون مفتوحاً أمام من يريد من الفنانين، التردد اليه، والرسم فيه. وكان أدونيس، أنهى كتابة رواية أو سيرة ذاتية يحكي فيها عن تجربته في الحب، وأنجز بعضاً من مشاريعه الثقافية، أبرزها "جغرافيا الآخرة" وهو نصوص مختارة من كتب التراث العربي، اضافة الى كتاب تحت عنوان: "ديوان النثر العربي"، وفيه مختارات من أبرز كتب النثر العربي، على غرار ما قدمه قبل سنوات في عنوان: "ديوان الشعر العربي". وما ذكره ان أدونيس حصل أخيراً على جائزتين، الأولى ايطالية مخصصة للشعر العالمي، والتي سبق ان فاز بها شعراء ايطاليون كبار والثانية أميركية حول الرسم، وقد فاز بها أدونيس عن لوحة مصنوعة من الأعشاب. "الفن للجميع" للسنة الثالثة على التوالي، تتكرس بنجاح ظاهرة "الفن والثقافة للجميع" اذ يتم عرض صور لوحات تشكيلية لفنانين متميزين في لوحات اعلانية منتشرة في شوارع دمشق. ويشمل مشروع هذا العام عرض أكثر من مئة لوحة من التشكيل السوري المعاصر، منها لوحات للفنان نذير نبعة جاءت تحت عنوان "تحية الى نذير نبعة"، اضافة لعرض رسوم للفنان الكاريكاتوري السوري علي فرزات، الحائز على جوائز عالمية في مسابقات الكاريكاتير. ومن المنتظر عرض هذه الرسوم على جدران "الأكشاك" الهاتفية المنتشرة على أرصفة دمشق وساحاتها العامة. والمشروع يتم بالتعاون مع شركة المستقبل الاعلانية، وصاحب الفكرة هو الفنان سعدالله مقصود. وكان من المقرر ان تبدأ تجربة جديدة. في هذا السياق بعنوان "إقرأ" وغايتها دعوة الناس الى القراءة بعد انحسارها في زمن انتشار القنوات الفضائية. وكان من المفترض أن يتزامن هذا المشروع مع معرض الكتاب العربي السادس عشر الذي انتهى قبل أيام، ولكن تنفيذه تأخر لأسباب لم تعرف بعد، على رغم ان المشروع سيتم بالتعاون مع شركة "كونكورد لوسائل الاعلان" التي تمتلك لوحات اعلانية عملاقة. وكان الشاعر والصحافي خليل صويلح، اختار مجموعة نصوص لثلاثين شاعراً سورياً للمشاركة في هذه التظاهرة، كان يقدم من خلالها صورة متكاملة للمشهد الشعري المعاصر في سورية على امتداد نصف قرن بغية ابراز أهم ممثليه، اضافة الى الأصوات الشعرية الشابة من جيل الثمانينات والتسعينات. المتحمسون لهذا المشروع كثر، وهم بانتظار تنفيذه، الا ان الصورة المؤثرة للطفل الفلسطيني الشهيد محمد جمال الدرة الذي اغتيل وهو في حضن أبيه تحتل الآن لوحات الكونكورد الضخمة. هذه الصورة أنست الجميع مشاريعهم، لتحل محلها مشاعر الحزن والغضب والأسى تجاه هذه الهمجية المغرقة في وحشيتها.