أفاد مصوّر لوكالة «فرانس برس» بأن حراس الداعية الشيخ يوسف القرضاوي منعوا وائل غنيم، أبرز منظمي حركة الاحتجاج المصرية، من اعتلاء المنصة في «ميدان التحرير». وكان غنيم ينوي إلقاء كلمة باسم الشباب المحتشد في الميدان، لكنه لم يفلح. واقتصر المشهد على خطبة للقرضاوي، الذي تحدث الى الجماهير قائلاً: «كنت أخطب من قبل وأقول: أيها المسلمون، أما الآن فأقول أيها المصريون مسلمين وأقباطاً: حافظوا على هذه الثورة، وإياكم أن يسرقها منكم أحد». من هم حراس القرضاوي؟ هل يتبع هؤلاء للجيش أم لوزارة الداخلية، أم لجماعة «الإخوان المسلمين»؟ أياً يكن انتماؤهم، فالنتيجة واحدة. كأن هناك رغبة، شبه رسمية، في إقصاء الشباب عن مشهد الثورة، وخطف قرارها منهم. فالشيخ القرضاوي نهى عن خلق وأتى بمثله. هو حذر الشباب من سرقة الثورة، لكنه منع أحد أهم رموزها من الكلام في أول احتفال لها. وكان المفروض أن يؤم الشيخ جموع المصلين، ويعطي الفرصة للشباب الذين قال إنه يريد تقبيل يد كلٍ منهم. لذلك، ما حصل يوم الجمعة في «ميدان التحرير» يشير الى أن الإسلاميين الذين فشلوا في الوصول الى السلطة عبر المنصة التي كان يجلس عليها الرئيس الراحل أنور السادات، استطاعوا احتلال منصة «ميدان التحرير»، ولسان حالهم يقول: خسرنا المنصة الأولى، لكننا تمكنا من الوصول الى الثانية، من دون ثمن. معظم القوى السياسية والشخصيات المستقلة في مصر عبّر عن احترامه للشباب، وأعلن أن دوره مقتصر على المساندة والنصح، لكن تصدُّر الشيخ القرضاوي منصة «ميدان التحرير»، وهو محاط بشخصيات محسوبة على المؤسسة الدينية، وجماعة «الإخوان المسلمين»، أثار شكوكاً في صدقية تلك الادعاءات، ومستقبل هذه الثورة... فضلاً عن أن إعطاء القرضاوي بطولة مطلقة في خطاب المنصة، يعني أن هناك من يحاول العبث بالوجه المدني لهذه الثورة. الأكيد أن تفرّد الإسلاميين بمنصة «ميدان التحرير»، وعلى النحو الذي حصل، ليس في مصلحة مصر والمنطقة. فتدخلهم في توجيه ثورة الشباب سيثير صراعاً على السلطة، وربما يأخذ أشكالاً تذكّرنا بما يشهده العراق. أزمة العراق كانت في سيطرة الزعامات الدينية على المشهد. وفي مصر، ربما يقبل الناس حكماً عسكرياً إذا كان البديل «جماعة الإخوان».