السعودية: رفع العقوبات عن سوريا فرصة عظيمة لبناء التعافي    قمة بغداد: تنديد بالحرب والحصار في غزة وعباس يدعو لنزع سلاح حماس    إغلاق وضم مدارس بالمجاردة    اختبارات نافس في 8 دول    التراث السعودي في المراسم الملكية: هوية ثقافية راسخة وقوة ناعمة عالمية    فلمبان يوثق مسيرة الفن السعودي    كيف ترسم الصحة السكانية مستقبل المملكة    الجبير يرأس وفد المملكة المشارك في القمة العربية ال(34)    "أنعش قلبي".. نادي الشرق بالدلم يطلق مبادرة رياضية بمشاركة مشاة من مختلف المناطق    نائب وزير "البيئة": ارتفاع مساهمة القطاع الزراعي في الناتج الإجمالي إلى (114) مليار ريال وحائل تساهم ب (10%)    اختتام منافسات الجولة الأولى من بطولة السعودية تويوتا كسر الزمن 2025    غدًا.. الهلال يتوج باللقب في ختام الدوري الممتاز للكرة الطائرة    وزارة الشؤون الإسلامية تبدأ باستقبال أول وفود الحجاج عبر منفذ البطحاء    انطلاق المعسكر الإعدادي للكشافة والجوالة المشاركين في معسكرات الخدمة العامة لحج 1446ه في تقنية الرياض    سمو أمير المنطقة الشرقية يرعى حفل تخريج 100 صحفي وإعلامي    أنشيلوتي: برشلونة بطل الدوري الإسباني قدم كرة قدم جميلة    أرتيتا يعتقد أن عصر "الستة الكبار" في الدوري الإنجليزي انتهى    توطين الصناعة خارطة طريق اقتصادي واعد    هلال جدة يتوج بلقب الغربية في دوري الحواري    وزير الصحة يكرم تجمع الرياض الصحي الأول نظير إنجازاته في الابتكار والجاهزية    رقم سلبي لياسين بونو مع الهلال    استمرار ارتفاع درجات الحرارة ونشاط الرياح المثيرة للأتربة على عدة مناطق في المملكة    استشهاد 13 فلسطينيًا في قصف الاحتلال الإسرائيلي لقطاع غزة    أكثر من 6000 حاجاً يتلقون الخدمات الصحية بمدينة الحجاج بمركز الشقيق خلال يومين    جمعية نماء تنفذ برنامجًا شبابيًا توعويًا في بيت الثقافة بجازان    القاسم يقدم ورشة بعنوان "بين فصول الثقافة والصحافة"    إطلاق النسخة التجريبية لأكبر مشروع للذكاء الاصطناعي في المسجد النبوي    اتفاقية تعاون بين قدرة للصناعات الدفاعية وفيلر الدفاعية لتعزيز الصناعات العسكرية بالمملكة    تشلسي يفوز على مانشستر يونايتد في الجولة ال (37) من الدوري الإنجليزي    الفريدي يحصل على الماجستير في الإعلام الرقمي    المملكة تحتل المركز الثاني عالميًا بعد الولايات المتحدة في جوائز "آيسف الكبرى"    محافظ الزلفي يدشن ملتقى الباب للتمكين التقني    النصر يتعادل إيجابياً مع التعاون في دوري روشن للمحترفين    النفط يتجه لثاني أسبوع من المكاسب    الRH هل يعيق الإنجاب؟    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة يحصد 23 جائزة في مسابقة آيسف 2025    سيرة الطموح وإقدام العزيمة    سلام نجد وقمة تاريخيّة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة إلى 53,119 شهيدًا    إمام وخطيب المسجد النبوي: تقرّبوا إلى الله بالفرائض والنوافل.. ولا وسائط بين العبد وربه    أمانة القصيم تطرح فرصة استثمارية لإنشاء وتشغيل وصيانة لوحات إعلانية على المركبات بمدينة بريدة    جمعية تعظيم لعمارة المساجد بمكة تشارك في معرض "نسك هدايا الحاج"    نائب رئيس جمعية الكشافة يشارك في احتفالية اليوبيل الذهبي للشراكة مع الكشافة الأمريكية في أورلاندو    أمين الطائف" يطلق مبادرةً الطائف ترحب بضيوف الرحمن    زمزم الصحية تشارك في فرضية الطوارئ والكوارث    مبادرة طريق مكة والتقدير الدولي        "الصحة" تُصدر الحقيبة الصحية التوعوية ب 8 لغات لموسم حج 1446ه    ضبط مصري نقل 4 مقيمين لا يحملون تصريح حج ومحاولة إيصالهم إلى مكة    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج الدفعة ال 19 من طلاب وطالبات جامعة تبوك    أكد أن كثيرين يتابعون الفرص بالمنطقة… ترامب لقادة الخليج: دول التعاون مزدهرة.. ومحل إعجاب العالم    تحذيرات فلسطينية من كارثة مائية وصحية.. «أونروا» تتهم الاحتلال باستخدام الغذاء كسلاح في غزة    رؤيةٌ واثقةُ الخطوةِ    الحدود الشمالية.. تنوع جغرافي وفرص سياحية واعدة    عظيم الشرق الذي لا ينام    نائب أمير منطقة تبوك يشهد حفل تخريج متدربي ومتدربات التقني بالمنطقة    مُحافظ الطائف يشهد استعداد صحة الطائف لاستقبال موسم الحج    ولي العهد والرئيس الأمريكي والرئيس السوري يعقدون لقاءً حول مستقبل الأوضاع في سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمة الصحافة تحرر الصحافيين... والأمثلة كثيرة
نشر في الحياة يوم 30 - 05 - 2016

أتصلت بي واحدة من تلميذاتي في الجامعة تسألني عن رأيي بعرض للعمل في أحد المواقع الإلكترونية التابعة لأحد الأحزاب السياسية في لبنان. وجدت نفسي أمام معضلة. رد فعلي الأولي كان نصيحتها بأن ترفض العرض. فالصبية الواعدة لا تزال في سنتها الأولى، وهي على رغم حماستها ونشاطها وعلى رغم إيماني بحسها الصحافي، لا تزال غير جاهزة لتحصين مستقبلها المهني مما يمكن أن تتعرض له في بيئة صحفية ممولة في شكل مباشر من حزب سياسي.
ترويت قليلاً واستمعت إلى نفسي أقول لها، اقبلي، وادخلي غرفة الأخبار وحصلي ما استطعت من خبرة، ولكن ابقي حذرة، ثقي بنفسك وبحدثك واجتهدي بأن لا تتنازلي عن مبادئ المهنة، ويوم يفرض ذلك عليك، ابقي على مسافة، على الأقل أمام نفسك... اعترفي لنفسك أن في ذلك خطأ مهني... المهم، أن لا تقبلي الخطأ بصفته الصواب، وأن لا تدافعي عنه.
أغلقت الهاتف مع تلميذتي وتركت العنان لنفسي.
أين سيعمل كل هؤلاء المتخرجين؟ هذه الطاقات كيف ستندمج في مشهد إعلامي محلي وإقليمي أقل ما يقال عنه إنه غاية في الإحباط... كبريات الصحف تنازع، أغلب المؤسسات التلفزيونية مجحفة في حق صحافييها... حتى الأحزاب السياسية، لم تعد في حاجة لأن تمول إعلاماً يدعي حداً أدنى من المهنية، فهي تستطيع أن تفتح مواقعها الإعلامية الخاصة، التي تسيطر عليها في شكل أكبر وبكلفة أقل... وها هي تفعل ذلك. المشهد فعلاً محبط. استعدت تلميذتي، استعدت ما كررته على مدى أشهر تقريباً في كل صف. جيلكم، لن يكون عليه أن يقبل بالتنازلات المهنية التي فرضت على جيلنا. نعم التحدي أكبر كما المنافسة، لكن الفرص أيضاً كما الإمكانيات.
على رغم ضبابية المشهد إن لم نقل سوداويته، هناك الكثير مما يعول عليه. ما يواجه المبتدئين من الصحافيين العرب من خيارات وتحديات على المستوى المتوسط والبعيد يشبه إلى حد بعيد ما يواجه أبناء جيلهم في كل مكان.
لم يعد العمل لدى مؤسسات الإعلامية الكبرى، شرطاً ولا حتى خياراً وحيداً لمن يريد أن يقوم بعمل صحافي مهني.
الأمثلة كثيرة ولعل أبرزها تجربة أوراق باناما. ففي حين شاركت مؤسسات إعلامية غربية وأوروبية عريقة مثل ال «غارديان» وال «بي بي سي» في التحقيق، كانت المشاركة في الدول حيث لا تزال حرية الإعلام مقيدة من قبل صحافيين مستقلين أو عاملين لدى مؤسسات صغيرة يأتي تمويلها من مؤسسات دولية تدعم الصحافة الاستقصائية.
ما تلى كشف القضية، من ملاحقات قانونية وضغوطات على هؤلاء الصحافيين من قبل حكوماتهم، دليل إضافي على صعوبة العمل في هذه الأماكن. صعوبة تبقى، على رغم كل ما تحمله من تحديات، إنجازاً مهماً مقارنة باستحالة أي إنجاز من هذا النوع في العقود الماضية.
مثال آخر، هذا الأسبوع من أذربيجان، حيث تم إطلاق سراح الصحافية خديجة إسلاميولوفا بعد أن تحولت قصتها إلى قضية رأي عام عالمي. إسلاميولوفا، التي تولت المحامية أمل كلوني الدفاع عنها أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، أطلق سراحها بعد قضائها 535 يوماً في السجن، وقبل انتهاء فترة السبع سنوات ونصف التي حكمت بها في قضية نسجت لها لرفضها التوقف عن كشف قضايا الفساد وانتهاك حقوق الإنسان من قبل العائلة الحاكمة في باكو.
ما يواجه الصحافيين من أخطار تصل إلى حد السجن وحتى التصفية الجسدية في المجتمعات المتأخرة على صعيد الحريات الإعلامية، قد لا تجوز مقارنته مع التحديات التي يواجهها الصحافيون الملتزمون في الغرب، من دون أن يعني ذلك أن الصحافة المهنية هناك غير مهددة هي الأخرى.
فالصحافة المهنية في شكل عام، والاستقصائية في شكل خاص مهنة مكلفة، وأعداد المؤسسات العالمية القادرة على تحمل كلفتها إلى نقصان.
التحدي الأكبر يأتي من شروط السوق الجديدة. في مقالة نشرت على موقع «ذي بافلر»، وتحت عنوان «الباقي كله إعلانات» كتب الصحافي المستقل جايكب سيلفرمان، عن صعوبة الاستمرار بالصحافة المهنية في ظل قلة الموارد المرصودة لها ومواجهة الأموال المرصودة للمادة المدعومة من قبل المعلنين. يعطي سيلفرمان أمثلة واضحة على ذلك، ففي حين تدفع مجلة «أتلانتيك» بدل خمس دولارات على الكلمة للمقالة المكتوبة على صفحاتها الممولة من المعلنين (ما يعني أن بدل التحقيق قد يصل إلى بضعة آلاف الدولارات) هي تدفع 150 دولاراً مقابل المقال أو التحقيق غير المدعوم حول الموضوع نفسه.
يطرح سيلفرمان أسئلة محقة. فمن من المسؤولين، سياسيين كانوا أو من عالم المال والاقتصاد، سيعطي مقابلة لصحافي، يواجهه بكل الأسئلة الحرجة، إذا كان بإمكانه إجراء مقابلة «سهلة» تعطيه ما يريد من تغطية ومن دون أي أضرار ممكنة؟ بغضب يعيد سيلفرمان طرح سؤال هو الأكثر تداولاً في أكثر المؤسسات الصحافية عراقة في العالم حالياً... هل من مستقبل للصحافة؟
بمجرد طرح السؤال الإجابة هي نعم.
سيلفرمان نفسه، يكتب مقالاً على موقع إلكتروني لم يكن موجوداً منذ أقل من عقد. يجد صداه عند قراء لم يكن بإمكانه أن يصل إليهم أو يخاطب أياً من همومهم في الماضي القريب.
نكون إما مخادعين أو بسطاء إن قبلنا أن الصحافة كما أردناها كانت في ألف خير خلال العقود الماضية. فالصحافة كانت أيضاً، كما هي اليوم مهددة.
ما حمى الصحافة في الماضي، وما سوف يحميها في المستقبل هم الصحافيون أنفسهم.
هم من سوف يدخل غرف أخبار، ستكون على الأغلب افتراضية، وسيدافعون عن قيم مهنتهم، لأنهم مؤمنون بأن لا تطور في مجتمعات لا تحاسب، أو على الأقل تسعى لأن تحاسب.
منذ أكثر من عشر سنوات، ولدى تسلمي مهمة إدارة التحرير في صحيفة «دايلي ستار»، جاءني براناي غوبتا، رئيس تحرير الصحيفة في حينه، وهمس في أذني نصيحة لا أزال أكررها لتلاميذي: مهنة الصحافة، ليست مهنة للخجولين. إنها مهنة الحالمين والمقتنعين بأن في استطاعتهم تغيير العالم.
هؤلاء الحالمون المقتنعون أن في استطاعتهم تغيير العالم، هم تماماً ما يعول عليه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.