في ظل تصاعد التوتر حول الملف النووي الإيراني، وتداعيات الحرب الأخيرة في المنطقة، تسعى الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسلطات الإيرانية لاستئناف التعاون بعد أشهر من الجمود. وفي حين تؤكد طهران ثوابتها فيما يتعلق ببرنامجها الدفاعي، تبذل الأطراف الأوروبية والدولية جهودا مكثفة، لإعادة إيران إلى التزاماتها النووية، وسط سباق زمني فرضته آلية العقوبات الأممية. تفاؤل قريب أعلن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافايل غروسي، أن الوكالة تتوقع التوصل إلى اتفاق مع إيران خلال أيام قليلة، يتيح استئناف عملها الكامل داخل البلاد. وأكد، في كلمته أمام مجلس محافظي الوكالة في فيينا، أن المفاوضات تسير باتجاه إيجابي، آملاً أن تسفر عن تفاهم عملي يمكّن الوكالة من مواصلة أنشطتها الرقابية «الضرورية» في إيران. الموقف الإيراني بدورها، أوضحت وزارة الخارجية الإيرانية أن المحادثات مع الوكالة لم تصل بعد إلى نتيجة نهائية، لكنها وُصفت ب«الإيجابية». وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، أن بلاده تنتظر استكمال النقاشات، للتوصل إلى نص نهائي ينظم آلية التعامل بين الجانبين. في الوقت نفسه، انتقد بقائي موقف الوكالة من الهجمات التي استهدفت منشآت نووية إيرانية منتصف يونيو الماضي، واعتبرها «اعتداءً غير قانوني» من قِبل إسرائيل والولاياتالمتحدة، مطالبا الوكالة بموقف أوضح تجاه تلك العمليات. البرنامج الصاروخي شددت طهران على أن قدراتها الدفاعية وبرنامجها الصاروخي غير خاضعين لأي تفاوض. وأكد بقائي أن المباحثات تقتصر على التعاون النووي مع الوكالة، بينما تبقى الملفات الدفاعية «خطا أحمر» بالنسبة لإيران. استغلال الدبلوماسية من جهته، أوضح المتحدث باسم الاتحاد الأوروبي، أنور العنوني، أن المفوضية الأوروبية تعمل على استثمار «نافذة الدبلوماسية المفتوحة حاليا»، في محاولة للتوصل إلى صيغة تضمن عودة إيران إلى التزاماتها بموجب الاتفاق النووي. وأشار إلى أن المفوضة الأوروبية كايا كالاس تتابع الملف عن كثب، وأن جهود بروكسل تستهدف استنفاد جميع الخيارات الدبلوماسية خلال مهلة 30 يوما، التي بدأت مع تفعيل آلية «سناب باك» من قِبل دول الترويكا الأوروبية (فرنسا - ألمانيا - بريطانيا). تعليق التعاون قد علّقت إيران تعاونها مع الوكالة عقب اندلاع الحرب مع إسرائيل في 13 يونيو الماضي، التي شملت قصف منشآت نووية وعسكرية ومناطق سكنية، وأسفرت عن سقوط أكثر من ألف قتيل. في المقابل، أعادت الدول الأوروبية الثلاث تفعيل آلية «الزناد» في أغسطس، ما يمهد لإعادة فرض عقوبات الأممالمتحدة على طهران وفق بنود الاتفاق النووي لعام 2015. مخزون متزايد كما أعربت الوكالة الذرية الأسبوع الماضي عن قلقها من تسارع وتيرة تخصيب اليورانيوم في إيران، مشيرة إلى أن مخزون طهران من اليورانيوم المخصب ب60 % ارتفع إلى 440.9 كيلوغرام حتى 13 يونيو، بزيادة 32.2 كيلوغرام مقارنة بشهر مايو. يُذكر أن ال60 % تقترب من عتبة 90 % اللازمة للاستخدام العسكري، بينما الاتفاق النووي الأصلي حدّد سقف التخصيب عند 3.67 %. وتُعد إيران الدولة الوحيدة غير النووية التي تخصب اليورانيوم بهذه النسبة المرتفعة، وهو ما يثير مخاوف غربية بشأن إمكانية تطوير برنامج عسكري نووي. خلفية الاتفاق كان الاتفاق المبرم عام 2015 بين إيران والقوى الكبرى يهدف إلى تقييد البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات الدولية. إلا أن الولاياتالمتحدة انسحبت منه عام 2018 بقرار أحادي من الرئيس الأميركي ونالد ترمب، وقتها، ما أدى إلى سلسلة من الانتهاكات الإيرانية لبنود الاتفاق، وزيادة مستويات التخصيب.