قدمت موسكو «ورقة اقتراحات» روسية - اميركية الى الدول العربية، ناقشها السفراء العرب لدى الأممالمتحدة بصدمة بالغة اول امس الثلثاء. اذ انها اشترطت التوصل الى اتفاق سلام شامل بين العرب وإسرائيل قبل تنفيذ قرار الشرق الأوسط الصادر عن مؤتمر مراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية العام 1995، والذي دعا الى اعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من السلاح النووي وإلى انشاء منطقة خالية من اسلحة الدمار الشامل فيها. وعلمت «الحياة» ان الورقة الروسية - الأميركية طالبت ايضاً بانضمام والتزام كل الدول العربية باتفاق ازالة الأسلحة البيولوجية واتفاق ازالة الأسلحة الكيماوية واتفاق حظر اجراء التجارب النووية، وبقية الاتفاقات الأخرى المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل في المنطقة قبل النظر في الملف النووي الإسرائيلي. وحصلت «الحياة» على ورقة الاقتراحات الروسية - الأميركية التي طالبت كذلك دول المنطقة بالالتزام الطوعي بعدم السعي وراء تخصيب اليورانيوم. وأكدت ضرورة تعاون دول المنطقة في التغلب على المخاوف النووية الموجودة في المنطقة، في اشارة ضمنية الى ايران وسورية، اسوة بالتعاون الليبي والعراقي في الملف النووي، اي تسليم البرامج النووية الى الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وطالبت روسياوالولاياتالمتحدة ايضاً في ورقتهما المشتركة اخضاع المنشآت النووية الى التفتيش، اي انهما ربطتا تنفيذ قرار الشرق الأوسط المعني بإعلان الشرق الأوسط منطقة خالية من الأسلحة النووية والذي كان هدفه اساساً اسرائيل مع ملف ايران النووي. وسلم نائب وزير الخارجية الروسي اناتولي انتونوت ورقة الاقترحات الى الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في القاهرة قبل ايام، وقامت الجامعة بإيداع نسخة عنها لدى الوفود العربية لدى الأممالمتحدة. وناقشت المجموعة العربية الموضوع وسط تشاؤم. وقالت مصادر عربية «ان الموقف الروسي لا يبشر بخير»، خصوصاً ان روسيا اخذت على عاتقها القيام بتقديم الموقف المشترك مع الولاياتالمتحدة، والذي يلقى دعم الدول الأوروبية النووية ايضاً. وأبلغ السفير الروسي لدى الأممالمتحدة فيتالي تشركين سفراء عرب الاستعداد للتفاوض على عناصر الورقة. وقرر السفراء تشكيل مجموعة خبراء للقيام قبل نهاية هذا الأسبوع لتحديد موقف عشية افتتاح مؤتمر مراجعة معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية الاثنين المقبل في نيويورك. وعبرت الورقة الروسية - الأميركية عن موافقة على عقد مؤتمر تحت اشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية «للبحث في الخطوات المطلوب اتخاذها للبدء في تنفيذ القرار»، بحسب تعبير مصدر خبير في خلفية وتفاصيل الصيغ المتداولة في اوراق مؤتمر مراجعة المعاهدة. وفيما يتغيب القادة العرب عن مؤتمر المراجعة الذي ستشارك فيه الدول الفاعلة على مستويات عالية، اتخذت القيادة الإيرانية قرار المشاركة على مستوى الرئيس محمود احمدي نجاد، بهدف ابراز «الازدواجية» لدى الدول النووية وكي يتحول النقاش النووي في الأممالمتحدة بعيداً من ايران، باتجاه اسرائيل، بحسب الأوساط الإيرانية. وفيما اعلنت الولاياتالمتحدة ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون سترأس وفدها الى المؤتمر، تردد ان هناك احتمالاً ان يفاجئ الرئيس باراك اوباما المؤتمر بحضوره، وإذا تعذر ذلك، قد يحضر نائبه جو بايدن المؤتمر الذي يستمر طيلة شهر ايار (مايو) وتوليه الإدارة الأميركية بالغ الأهمية. وترأس مصر حالياً مجموعة عدم الانحياز التي قدمت اوراقاً لها. وطرحت مصر اقتراح عقد مؤتمر السنة 2011 يضم اسرائيل و ايران معاً الى جانب الدول العربية ليتضمن وضع آليات لتنفيذ قرار 1995 ضمن اطر زمنية. الا ان الدول النووية الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن سعت وراء تفريغ المؤتمر من الآليات التنفيذية ومن الأطر الزمنية. ومعروف ان مصر قادت العام 1995 الموقف العربي الرافض التمديد لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية ما لم تنضم اسرائيل الى معاهدة حظر الاتشار النووي. لكنها تراجعت في اللحظة الأخيرة بسبب ضغوط اميركية وأوروبية ضخمة، ووافقت على التمديد الدائم للمعاهدة مقابل القرار الذي هو اليوم، بعد 15 سنة ، موضع شروط روسية - اميركية - اوروبية تحمي اسرائيل من مطالبتها بتنفيذه.