حماس تقدم تنازلات وإسرائيل تتمسك بالحرب    سباق نادر بين ترمب وبايدن    رونالدو يساهم في فوز النصر بسداسية على الوحدة    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    «شباب البومب» يتصدر شباك دور السينما الخليجية    النملة والهدهد    مدرب الشباب: لا أفكر في الأهلي    البدر يكتب ميلاده بالرحيل    صفقة الأسرى تنتظر رد «حماس».. ومظاهرات غاضبة تطالب برحيل نتنياهو    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    تعيين 261 مُلازم تحقيق بالنيابة العامة    حصر المباني الآيلة للسقوط بالدمام    تحذيرات من 5 أيام ممطرة    رئيس الإمارات: رحم الله الشاعر الأمير بدر بن عبدالمحسن.. رحل بعد رحلة طويلة من الإبداع    ريال مدريد يحقق لقب الدوري الأسباني للمرة ال36 في تاريخه    الخليج يعلن إصابة ثلاثي الفريق    غداً.. إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي في الرياض    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    انطلاق شهر التصلب المتعدد    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    "فلكية جدة": شمس منتصف الليل ظاهرة صيفية    الديوان الملكي ينعى الأمير بدر بن عبدالمحسن    منصور بن متعب ينقل تعازي القيادة لرئيس دولة الإمارات في وفاة الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان    إعصار يضرب كينيا وتنزانيا وسط فيضانات مدمرة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمراً دوليّاً للقادة الدينيين.. الثلاثاء    الرياض تستضيف أكبر معرض دولي في صناعة الدواجن    الديوان الملكي: الصلاة على البدر عصر غد    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    «يويفا» يوافق على زيادة عدد اللاعبين في قوائم المنتخبات المشاركة بيورو 2024    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    ضبط أكثر من 19600 مخالف لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    160 ألف سيارة واردات المملكة خلال عامين    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    ارتفاع عدد الشهداء الفلسطينيين في غزة إلى 34654    اللجنة الثلاثية «السعودية - التركية - الباكستانية» تناقش التعاون الدفاعي وتوطين التقنية    نيابة عن الملك.. وزير الخارجية يرأس وفد المملكة ب"مؤتمر القمة الإسلامي"    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صعود اليمين يهمنا كعرب ... لأننا نواجهه!
نشر في الحياة يوم 25 - 03 - 2010

اليمين المتطرف في الغرب قادم كقوة سياسية. فقد فاز حزب «الحرية» المعادي للعرب والمسلمين في هولندا - بين مؤشرات أوروبية عديدة مماثلة.
اسمه حزب «الحرية» ...! وهذا يذكرنا بمقولة فولتير الشهيرة: «أيتها الحرية ... كم من الجرائم ترتكب باسمك!»
وعلينا ألا نستغرب صعود اليمين المتطرف في أوروبا ... أوروبا التي حاربت طويلاً لتبقى «ليبرالية» و «منفتحة». فالأوروبيون يشعرون أنهم مهددون في عالم اليوم: مهددون بعرب ومسلمين يهاجرون إلى بلدانهم لأن الأوروبيين، بسبب تطورهم و «ترفهم» الحضاري أصبحوا لا يميلون إلى العمل، وذلك بعد أن بشروا العالم طويلاً بقيمة العمل والإنتاج - ويريدون من يقوم عنهم بذلك. إنهم، وهنا سر تناقضهم ونفاقهم، يريدون ولا يريدون ...!
الأوروبيون يريدون عمالة رخيصة قادمة من وراء البحار، ولا يريدون من يشاركهم في مجتمعاتهم بثقافة أخرى مغايرة - وهذا هو الجزاء التاريخي العادل لاستعمارهم لبلدان «ما وراء البحار» وعملهم فيها أيام السيطرة والقوة والحيوية وفرض ثقافتهم عليها - لذلك نرى الفرنسيين، مثلاً، يمنعون «النقاب» قانوناً، هذا بينما تكشف الانتخابات الأخيرة في فرنسا عن صعود اليمين المتطرف.
بعد إقرار ذلك، علينا ألا نغض الطرف عن أن مهاجرينا يعرضون حياتهم لأهوال البحر، هرباً من الأوضاع الحالية لبلدانهم «العربية المسلمة» التي «ناضلت» طويلاً ضد «الاستعمار الأوربي الغاشم» ...!
ثم أن الأوروبيين «مرعوبون» من صعود وضغط تركي – يبلغ تعداده ثمانين مليوناً من البشر، يعمل على دخول الاتحاد الأوروبي، وهم منقسمون بين معارض ومؤيد. ويقال أن الفاتيكان يعمل على إبعاد هذا «الثقل الإسلامي» عن أوروبا ذات الجذور المسيحية. إذ يتبين للبعض من المؤشرات التركية إن «علمانية» أتاتورك كانت غطاءً واهياً غطى وجه تركيا لبعض الوقت. وأنها عائدة إلى إرثها الإسلامي الذي قد يبقى متعايشاً مع علمانية الجيش أو ينقض عليها! إنه انبعاث «الخطر» العثماني من جديد الذي اخترق، في الماضي، العمق الأوروبي وصولاً إلى أسوار فيينا ...!
ويتساءل المرء أي مصلحة للأرمن وأرمينيا في قرار لجنة الكونغرس الأميركي باعتبار ما حدث للأرمن أواخر ايام الدولة العثمانية مسألة «إبادة جماعية». ويبدو الأمر تنبيهاً إسرائيلياً، من خلال الكونغرس، لتركيا بألا تذهب بعيداً في دعمها للفلسطينيين – وإن ظلوا تحت الاحتلال الإسرائيلي الجاثم على صدورهم منذ عقود – وهذا يضعنا وجهاً لوجه حيال ما يكرره جهاد الخازن بأن الكونغرس الأميركي أكثر «ليكودية» و «إسرائيلية» من البرلمان الإسرائيلي ... ذاته!
والأوروبيون – ومعهم الأميركيون – إضافة إلى «الخطر» العربي – الإسلامي يواجهون صعود قوى آسيوية «صفراء» و «سمراء»، كالصين واليابان والهند، بما يشير إلى أن القرن الجديد لم يعد بالفعل كالقرون السابقة، «زمن سيادة الرجل الأبيض»!
وعلى رغم ما كتبه المفكرون العرب ضد نظرية هنتنغتون في «صدام الحضارات» فعلينا الاعتراف بأن «الظاهرة» ليست بعيدة من الواقع ... وإن كان المأمول ألا تتحول إلى واقع قائم ومتطاول ...
على الجانب الآخر من الأطلسي، أعني الولايات المتحدة، حيث وصل رئيس «ملون» لأول مرة في تاريخها إلى سدة الرئاسة مزيحاً، بحزبه الديموقراطي شبه اليساري وشبه الليبرالي، «المحافظين الجدد» الذين وجهوا إدارة الرئيس السابق جورج بوش الإبن وسيطروا عليها، نقول تعتمل هناك، ضد وصول الرئيس «الملّون» تيارات مضادة قد تطفو على السطح في الانتخابات التشريعية والرئاسية الأميركية المقبلة.
ونقرأ في تقارير وكالات الأنباء أن مجموعات اليمين المتطرف قد تزايد عددها ثلاثة أضعاف عما كان عليه. يُعزى إلى هذه الزيادة «انتخاب أول رئيس أسود في تاريخ البلاد، والأزمة الاقتصادية» – «الحياة» (6/3/2010) - الصفحة الأولى). وطالما أن الباب قد فُتح لوصول رئيس من غير أل Swamps أي البروتستانت البيض ذوي الأصول الأوروبية، فليس مستبعداً أن يحاول ذلك مرشح يهودي أو «هسبنك» (من اصول اسبانية او اميركية لاتينية). وإذا وصل رئيس يهودي إلى البيت الأبيض فسيكون لكل حادث حديث في شأن موقف أميركا من «السلام» في الشرق الأوسط و»الحقوق» الفلسطينية. هذا مع عدم استبعاد احتشاد القوى البيضاء من البروتستانت البيض لاستعادة الرئاسة التي فقدوها للمرة الأولى في التاريخ.
إن العرب معنيون بمثل هذه التطورات، فقد دفع «المحافظون الجدد» جيش بلادهم إلى غزو بلد عربي واحتلاله، كما أنهم معنيون بصورة أعمق لأنهم يواجهون صعود حكومة يمينية في إسرائيل تعمل على إجهاض خيار السلام الذي اختاروه لأول مرة في تاريخهم، وبعد تجارب مرة أهدرت فرصاً كثيرة للتنمية والتطور الديموقراطي في الكثير من بلدانهم.
وقبل الحديث عن «يمين» و «يسار» في إسرائيل لا بد من القول إن ثمة مشكلة بين الإسرائيليين أنفسهم، وليس مع الفلسطينيين أو العرب أو العالم. (هذا مع عدم التقليل من الخلافات الفلسطينية والعربية، أو تأثير المصالح العالمية).
إن الإسرائيليين جميعاً يتملكهم خوف شديد من أن يتم إرسالهم، ثانية، إلى أفران الغاز كما فعل النازيون بهم في «الهولوكوست»! وهم في خوف شديد من صحوة عالم عربي عملاق قد يواجهونه بعد عقود من السلام.
وعندما يتملك الخوف أي مجموعة بشرية فلن تستطيع التصرف بعقلانية. وما سباقات التسلح في التاريخ وفي عالمنا المعاصر، إلا مظاهر متكررة لهذا الخوف ...
لا بد أن يدرك المعنيون بحل مشكلة الصراع العربي – الإسرائيلي المستعصية لعقود وحتى الآن، أن عامل «الخوف» وفقدان الثقة بالنفس وبالآخرين لدى الإسرائيليين عامل يدفعهم إلى التطرف لتحصين أنفسهم حيال «الخوف» الذي يعيشونه، ولا نتوقع حلاً لهذه «العقدة النفسية» لديهم في المستقبل المنظور، طالما أن الدافع الذي يسيطر عليهم هو «الانفصال» وليس «الاندماج» في المحيط البشري الذي يعيشون فيه.
لقد حاول ذلك إسحق رابين من قبل. وهو العسكري المقاتل الذي ظل سحابة عمره يحاول إذلال العرب وهزيمتهم. وعندما تجرأ على ما يخاف منه الإسرائيليون تم قتله. وبعد قتله لم يتقدم أي قائد إسرائيلي لقيادة شعبه نحو سلام حقيقي. ونرى كيف أن حزبه، حزب العمل، يتفتت اليوم حيال الموجة المعاكسة.
لا نتحدث عن اليمين من وجهة نظر يسارية. وإنما هي محاولة توصيف لظاهرة تمسنا وعلينا أن ندركها.
ويواجه العرب من داخلهم انبعاثاً ل «يمين متطرف» يعتمد التكفير والعنف خارجاً عن نهج «الاعتدال» والانفتاح والتسامح الذي عرف به الإسلام وأسس عليها حضارته. وهذه مشكلة تتطلب نظراً وافياً وتحتاج إلى معالجة قائمة بذاتها.
* كاتب من البحرين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.