عبدالعزيز بن سعود يلتقي القيادات الأمنية في منطقة نجران    المملكة تفوز بجوائز منتدى القمة العالمية لمجتمع المعلومات «WSIS +20»    مناقشات أوروبية لفرض عقوبات على إسرائيل    النائب العام ونظيره الكوري يبحثان سبل تعزيز التعاون القانوني بين البلدين    د.الزارع يشكر القيادة الرشيدة بتعيينه على المرتبة الخامسة عشرة بوزارة التعليم    وزير الصحة: المملكة تؤكد ضرورة تحقيق صحة ورفاهة شعوب العالم    السودان: مأساة نزوح جديدة تلوح في الأفق    عبدالعزيز بن سعود يلتقي أمير نجران ونائبه ويطلع على المبادرات التنموية التي تشرف عليها الإمارة    رفض استئناف الاتحاد ضد عقوبات «الانضباط» على جماهير النادي بمواجهة الهلال    3 دول جديدة تعترف بدولة فلسطين    معرض ينطلق من الأحساء إلى العالم    افتتاح منتدى الإعلام العربي ال 22 في ثاني أيام قمة الإعلام العربي    "دور وسائل الإعلام في الحد من الجريمة"    مجزرة جديدة.. 20 قتيلا بقصف لقوات الاحتلال على مخيمات رفح    افتتاح قاعة تدريبية لتدريب وتأهيل مصابي تصلب المتعدد    «نايف الراجحي الاستثمارية» و«مسكان» تطلقان شركة «ارال» لتطوير مشاريع عقارية عملاقة مستدامة تحقق بيئة معيشية متكاملة    بحضور نائب أمير عسير.. تكريم أصحاب المتاحف بالمنطقة    كلاسيكو ساخن بنصف نهائي السوبر    وزير الداخلية يلتقي أمير نجران ونائبه ويطلع على المبادرات التنموية التي تشرف عليها الإمارة    «سلمان للإغاثة» ينتزع 1.375 لغمًا عبر مشروع "مسام" في اليمن خلال أسبوع    فيصل بن مشعل يكرم 18 فائزا وفائزة بجائزة التربية الخاصة في تعليم القصيم    "التأمينات الاجتماعية" تُطلق آلية تسجيل العمل المرن المطورة    100 لوحة في معرض تعابير    سمو محافظ الخرج يكرم متدربي الكلية التقنية بالمحافظة الحاصلين على الميدالية البرونزية بالمعرض السعودي للإختراع والابتكار التقني    القتل لإرهابي بايع تنظيماً واستهدف رجل أمن    أمير تبوك يستقبل رئيس وأعضاء لجنة جائزة سموه للتفوق العلمي والتميز    الملك مطمئناً الشعب: شكراً لدعواتكم    ضبط 10 آلاف سلعة غذائية منتهية الصلاحية بعسير    7 اتفاقيات لتحسين جودة مشاريع الطرق في جميع المناطق    "كلية القيادة والأركان للقوات المسلحة" تستعد لمرحلة «جامعة الدفاع الوطني»    وزير الحرس الوطني يرأس الاجتماع الثاني لمجلس أمراء الأفواج للعام 1445ه    القيادة تهنئ رئيس أذربيجان بذكرى استقلال بلاده    مخفية في شحنة قوالب خرسانية .. ضبط أكثر من 4.7 مليون قرص من الإمفيتامين المخدر    كاسترو يختار بديل لابورت أمام الهلال    سلمان بن سلطان: رعاية الحرمين أعظم اهتمامات الدولة    رياح سطحية مثيرة للأتربة والغبار على أجزاء من وسط وشرق المملكة    تطبيق تقنية (var) بجميع بطولات الاتحاد الآسيوي للأندية 2024-2025    السجن والغرامة لمن يتأخر عن الإبلاغ بمغادرة مستقدميه    تمنع "نسك" دخول غير المصرح لهم    «الصقور الخضر» يعودون للتحليق في «آسيا»    «الاستثمارات العامة» يطلق مجموعة نيو للفضاء «NSG»    تفقّد ميقات ذي الحليفة.. أمير المدينة: تهيئة الخدمات لتحسين تجربة الحجاج    صالات خاصة لاستقبال الحجاج عبر «طريق مكة»    قدوم 532,958 حاجاً عبر المنافذ الدولية    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على سعود بن عبدالعزيز    حلول مبتكرة لمرضى الهوس والاكتئاب    عبر دورات تدريبية ضمن مبادرة رافد الحرمين.. تأهيل العاملين في خدمة ضيوف الرحمن    حفلات التخرج.. البذل والابتذال    مكتسبات «التعاون»    باخرتان سعوديتان لإغاثة الشعبين الفلسطيني والسوداني    القيادة تعزي حاكم عام بابوا غينيا الجديدة في ضحايا الانزلاق الترابي بإنغا    إخلاص وتميز    كيف تصف سلوك الآخرين بشكل صحيح؟    الاحتيال العقاري بين الوعي والترصد    ولادة 3 وعول في منطقة مشروع قمم السودة    ورحلت أمي الغالية    سكري الحمل    دراسة تكشف أسرار حياة الغربان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يعتبر رافداً هاماً في الانظمة الاقتصادية العالمية .. القطاع الثالث رؤية مستقبلية
نشر في البلاد يوم 09 - 06 - 2011


القطاع الثالث برز نتيجة لعوامل اقتصادية عالمية
يؤثر تأثيراً بالغاً في النظام الاقتصادي
قدم د. محمد عبدالله السلومي كتابه الجديد القطاع الثالث والفرصة السانحة رؤية مستقبلية والذي اشتمل على العديد من المحاور الهامة للقطاع الثالث اضافة الى التعريف به ودوره في المجتمع ويعتبر الموضوع ذو ابعاد هامة في الاقتصاد السعودي.
القطاع الثالث (الحقيقة والمجالات)
جوانب في حقيقة القطاع الثالث ودوره:
القطاع الثالث : مجموعة من المنظمات التي تنبع من مبادرات المواطنين وتحتل موقعاً ثالثاً بين مشروعات القطاع الخاص والمؤسسات الحكومية حيث لا تستهدف هذه المنظمات تحقيق الربح بل تسعى في المقام الاول الى تحقيق النفع العام ويقتصر دور الحكومات تجاهها على ما تصدره من تشريعات تنظم عمل هذه المنظمات اضافة الى متابعة تنفيذها كمراقب فالجمعيات والمنظمات والمؤسسات التطوعية والخاصة والخيرية وغير الربحية ومؤسسات المجتمع المدني كلها تعد اسماء ومجالاتع او عناصر لهذا القطاع.
على الصعيد العالمي يشمل القطاع الثالث كل تاشكال المؤسسات والمنظمات والجمعيات المانحة والممنوحة وانواعها والمعنية بتحقيق اهداف دولها في الداخل والخارج كما ان هذا القطاع يشمل الجمعيات التعاونية وجمعيات النفع العام والنقابات والمؤسسات والشركات غير الربحية وهو يشمل ايضا المنظمات والجمعيات المعنية بالحقوق الانسانية والدراسات والاستشارات غير الربحية وجمياتها وكل انواع مؤسسات المجتمع المدني وللقطاع الثالث تسميات متنوعة اخرى عالمية تعكس موقعه الاداري والاعتباري ومن ذلك :
1 - المنظمات غير الحكومية.
2 - القطاع المستقل
3 - القطاع الخيري
4 - القطاع الخيري المانح.
5 - القطاع التطوعي
كل تلك الاسماء وغيرها تعكس مدلولات مهمة لهذا النوع من النشاط التنموي الذي اصبح جزءاً لا يتجزأ من ادارة اي دولة وادتارتها وقد تكون تلك الاشكال او الانواع اسماء مترادفة.
وتلك الاسماء او الانواع او الاشكال للقطاع الثالث لا تعني الحصر لها فكل عمل مؤسسي مستقل عن القطاعين ومكمل لادوارها يعد من عناصر القطاع الثالث.
اذا عدنا عبر التاريخ في الحضارة الاسلامية الى ما يماثل القطاع الثالث في الادارة الحديثة فان القطاع الخيري في الاسلام يشكل معظم مخرجات القطاع الثالث ان لم يزد عليه فهذا القطاع في الاسلام كان مستوعباً لمعظم احتياجات الامة في معظم حقب التاريخ من حيث موارده المالية والبشرية الكبيرة والمستدامة ومن حيث خدماته وحجمها وقيمته النوعية والرقمية ايضا وكاان اكبر اتساعاً من مؤسسات القطاع الحكومي او القطاع التجاري الخاص وقد يكون بحق القطاع الاول ويكفي انه ولد حضارة اسلامية بفضل تشريعاته المتعددة في مجالات التطوع والتبرع والوقف والزكاة واعمال الحسبة وغير ذلك حتى كان هذا القطاع مصدراً للعلم والمعرفة والوقاية ولم تكن السلطة الادارية الحكومية غالب حقب التاريخ معنية بغير الامن الداخلي والخارجية للدولة.
ويعد القطاع الثالث جزءاً من واقع الادارة الحديثة للدولة خاصة في دول ما يسمى (دول الشمال) التي تعمل بهذا المصطلح الاداري وهي تسمية اعغدتها منظخمة الامم المتحدة في تسمية كل المؤسسات غير الحكومية وغير الربحية وبشكل ادق لكل المؤسسات المستقلة ادارياً عن القطاع الاول (الحكومي) وعن القطاع الثاني (الخاص التجاري) لذا فالقطاع الثالث يعد قطاعاً اساسياً في تكامل الهيكل الاداري للدولة يكمل عمليات التنمية الشاملة وفي اسهام هذا القطاع بدوره في تقديم الخدمات قوة للدولة والحكومة معا.
ويعمل القطاع الثالث على تحقيق التوازن بني القطاعين الحكومي والتجاري بحيث يمنع تغول القطاع الحكوميث وتمدده كما يسد نقص خدماته وفي الوقت نفسه يكبح جماح القطاع الخاص وجشعه وطمعه ويزكيه وينميه ويكسبه حسن السيرة او (الحروب) الساخنة او الباردة بين القطاعين.
وهذا القطاع عامل من عوامل الحفاظ على هويات الامم والدول واستقرارها السياسي كما انه مساهم كبير في تحقيق الامن الفكري والسياسي والاجتماعي للدول العاملة به بحكم ما يوفره من شراكة شعبية فهو من اقوى وسائل الاصلاح السياسي لحكومات دول العالم حيث يغرس الانتماء الوطني بل انه بحكم استقلاليته عن الحكومة يمنح الحكومات والدول مساحة اوسع للمناورات السياسية الدولية ليجنبها الضغوط السياسية كما انه يستوعب كل جوانب التطوع والاعمال الشعبية والخيرية والاهلية وينظم قبول جميع الموارد المالية وصرفها من منح وتبرعات واوقاف وضرائب وغرامات باختلاف بين اجراءات ا لدول وتنظيماتها لتلك الموارد.
ويستطعيع هذا القطاع استيعاب كثير من حالات التوظيف ومشكلات البطالة واحتواء وتوظيف الموارد البشرية بابداعاتها واختراعاتها وهو بهذا او ذاك المنظم للانشطة والبرامج الاهلية والشعبية والخيرية سواء أكانت ثقافية ام دينية ام اجتماعية ام مهنية ام رياضية ام فنية ام ترفيهية كما ان الدول تحتاج الى هذا القطاع - بحكم شعبيته - في مدد الازمات السياسية او العسكرية فهو يعالج بشكل فاعل آثار سقوط الحكومات وضعفها حيث يسد النقص والخاجة في الازمات والكوارث التي قد تعصف بمكتسبات القطاعين.
وهو قطاع يقوي نفوذ الدولة - اي دولة - في الخارج ليحافظ بذلك على حق السيادة والقوة في الخارج والداخل كما هو سلوك الدول القوية والدول الاستعمارية وكذلك فهو يعزز الفكرة الرئيسية التي قامت عليها الدولة - أي دولة -.
والقطاع الثالث يعمل في الغالب على توطين الموارد الاقتصادية فهو قطاع خدمي تنموي يعمل على ايجاد البنى الاساسية للدولة وهو قطاع غير ربحي لا يدخل في الاستثمارات العالمية، فدورات اقتصاده واستثماراته محلية وطنية. وهو لدى جميع الأمم والدول مرشح قوي لأخذ زمام المبادرات في التصدي للقضايا الإنسانية والحفاظ على ثرواتها المحلية والوطنية؛ لأنه القطاع الأقل فساداً والاكثر التزاماً بالمثل والقيم العليا بحكم دوافعه وطبيعة اهدافه. وهو قطاع يتصف بدرجات كبيرة من الشفافية التي تفوق معظم شفافية مؤسسات القطاع الحكومي التجاري ، كما أن هذا القطاع تتفاعل معه بشكل ايجابي كل الأمم والشعوب في عمليات الوقف والتبرعات. فهو - فعليا - يعمل على تحسين حياة الناس ، وتلبية حاجاتهم الاساسية، وايجاد فرص عمل بأجور مقبولة، ونشر روابط قوية بين الشعوب ذاتها. ويعد هذا القطاع الاسرع نمواً من القطاع الحكومي والقطاع التجاري، خاصة في الولايات المتحدة الامريكية حيث يشكل 10% من مجمل النشاط الاقتصادي على المستوى الوطني، ويمكن ان يكون أكثر من هذه النسبة إذا ادخلت الوظائف، فعلى سبيل المثال وصلت المؤسسات الوقفية المانحة في امريكا 73.171 مؤسسة وقفية مانحة ، وبلغت التبرعات النقدية لهذا القطاع 306.
39 مليار دولار، ونحو مليون وست مئة الف مؤسسة وجعية خيرية ، واكثر من احد عشر مليون موظف حسب احصائية عام 2007م.
غُنم بلا غُرم:
القطاع الثالث المستقل عن مؤسسات القطاع الحكومي وبيروقراطيتها يمنح القطاع الحكومي الغنم دون الغرم من سلبية تبعات محتملة ناتجة عن أعماله وانشطته وبرامجه ، لذا فهو قطاع تكتسب منه الدولة قوة سياسة واقتصادية، خاصة في برامج المعونات والإغاثات العالمية الخارجية؛ لأنه من أقوى الاذرعة وأقلها كلفة في خدمة الدولة. ومما يجدر التنبيه اليه أن اهمية القطاع الثالث في الغرب تكمن فيما يقدمه من وظائف بشرية، وخدمات مساندة ، ولذلك فهو القطاع الاسرع نمواً في الدول التي تعمل به كأمريكا وكندا ومعظم دول أوروبا . نظراً لدوره الايجابي في التنمية البشرية والمالية.
إلا أنني أرى أن استقلالية القطاع الثالث من سيطرة القطاع الحكومي اوقعت بعض مؤسساته في قيود المتبرعين والمانحين من شركات ومؤسسات لها ايديلوجيتها الخاصة بها ، كما ان هناك تحولات في مفهوم الاستقلالية بدأت تتضح أكثر بعد سقوط الشيوعية، وبشكل أدق بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، حيث أصبحت مؤسسات القطاع الثالث في الغرب مستقلة إلى حد ما عن حكوماتها ، لكنها مرتبطة بدولها ملتزمة بدساتير دولها وسياساتها واستراتيجيتها، خاصة في دول الشمال "أوروبا وأمريكا"، وفي هذا الصدد يقول هشام ناظر: "كانت النظرة التقليدية الى هذه المنظمات على انها مستقلة عن الحكومات غير أن شخصية المنظمات المدنية تغيرت بشكل درامي خلال العقد الأخير. فقوتها الأولية، وبناؤها وتأثيرها على العلاقات الدولية عموماً ودخولها ضمن اطر السياسات الحكومية الدولية وتأثيرها على العلاقات الدولية عموماً ودخولها ضمن أطر السياسات الحكومية الدولية وتأثيرها داخل وخارج حكومات الدول النامية يحتاج الى مراجعة وتقويم ، ويخلص ناظر إلى أن المنظمات ليست أكثر استقلالية من شركات الإعلام وهي جزء من مشروع يمكن تقديمه ضمن الاستراتيجيات الحكومية والمؤسساتية، لكي تضمن الدعم الذي تحتاجه بل يمكن اعتبارها بدائل أقل تكلفة وأكثر كفاءة لقنوات ايصال حكومية، ولذا يمكن بشيء من الحذر النظر الى المنظمات المدنية،؛ على أنها مجرد جهات متعاقده وقوة بالوكالة، وبدائل للحكومة بشكل عام، وللحكومة السيئة على وجه الخصوص".
القطاع الثالث والأهمية الإستراتيجية
إضافة إلى ماسبق من أهمية في الفصل الأول فإن هذا القطاع أصبح واجباً وضرورة يجب على العالم العربي والإسلامي العمل بفلسفته وأنشطته؛ ليكون استراتيجية دائمة للاعتبارات أو التحديات الأتية:
أولاً: التصدي للحروب وآثارها:
تزايد عدد اللاجئين المشردين والنازحين ومن في حكمهم حول العالم من 20 مليوناً عام 1997م الى نحو 37.4 مليوناً عام 2007م، ويشكل المهاجرون واللاجئون والمشردون من الدول الإسلامية، أو الذين يقيمون منهم في دول إسلامية، أو الذين من أقليات إسلامية في مختلف أنحاء العالم ما يقرب من 70% إلى 80% من هؤلاء اللاجئين وفقاً لإحصائيات اللجنة التابعة للأمم المتحدة، فقد شهد عالم ما بعد الحربالباردة حروباً بين الدول وداخل الدول بين جماعات اثنية "عرقية" وتغيرت في ظله توازنات القوى الدولية، وأصبحت حالة لاجئي العالم تشكل خطراً وتحدياً، وفي إطار ذلك تزايد دور المنظمات غير الحكومية.
ومن الملاحظ أن رقعة الحروب اتسعت وتضاعفت آثارها مع بداية القرن الواحد والعشرين، وتبني سياسة الفوضى البناءة، من قبل أمريكا المحاربة بخاصة في أعماق الدول الإسلامية والعربية، ويكفي أن الحروب قائمة على معتقدان دينية وأطماع اقتصادية وأهداف سياسية، مما يرشح زيادتها دون نقصانها، والمؤسسات والجمعيات الخيرية خاصة الإسلامية العاملة في داخل بلدانها وخارجها وضعت من قبل خصومها - سلباً - على أنها جزءاً من هذه الحروب، بل جزء لا يتجزأ من المعركة، كما هو حال الاعلام ، فإقصائها أو تهميشها أو اضعافها يصب في مصلحة المحارب القوي.
وذكر الدكتور محمد السمالك في كتابه الدين في القرار الأمريكي ، نقلاً عن كتاب النبوة والسياسة للكاتبة الأمريكية "غريس هالسل" اعتقاد ما يسمى بالمحافظين الجدد - وهم ساسة لهم تأثيرهم في الولايات المتحدة الامريكية : "أن الإيمان بحتمية معركة "هرمجيدون" التي تسبق بالضرورة العودة الثانية للمسيح، يعني تعطيل مساعي التسوية والسلام، ودفع الأمور في الشرق الأوسط بصورة دائمة نحو الاضطراب ، ونحو العداء المتبادل بين العرب واليهود ، فالسلام يعطل "هرمجيدون" ، ويؤخر العودة المنتظره ، أما الصراعات فإنها تمهد لهرمجيدون وتعجل بالعودة".
ويتأكد هذا الاعتقاد مع فشل عملية السلام ومؤتمراته 1977-2009م حيث تراجعت عملية السلام في تلك المدة أمام تقدر المشروع الصهيوني وتزايد القوة الاسرائيلية في المجالات الاقتصدية والتكنولوجيا العسكرية، مع تزايد الضمانات الدولية لحماية الامن الاسرائيلي.
وتحولت صناعة الحروب الى سمة من سمات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م، بل الى صناعة عداوات وصراعات داخلية واقليمية ودولية مرشحة للاستمرار ، وكل ذلك تحت اسم نشر الديمقراطية تارة، وحرب ما يسمى بالإرهاب تارة أخرى، مثلما حدث في افغانستان والعراق ومن بعدهما لبنان وفلسطين وأرض الصومال، لتكون الفوضى البنّاءة أو الخلاقة.
أكد المفكر الأمريكي (بوكانن) المنافس في الترشح للرئاسة الأمريكية في التسعينيات من القرن الماضي في كتابه "موت الغرب" الصادر في عام 2003م أن من أهم الأخطار الأربعة التي تهدد بقاء الحضارة الغربية غزوات المهاجرين من العالم الثالث (ومعظمهم بالطبع مسلمون) وخطر التعددية الثقافية.
وقد أظهرت نتائج الاستطلاع الذي نشرته "وول ستريت جورنال" الأوروبية: أن الذين يرفضون وجود المسلمين في أوروبا الغربية نحو 50% من الأوروبيين، وبلغت هذه النسبة 75% في السويد المشهورة بالتسامح تجاه التعددية، وبسجلها الناصع في احترام الحريات وحقوق الانسان. وبعد اسابيع من هذا الاستطلاع، أظهر استطلاع أجرته جامعة (بيركلي) في الولايات المتحدة أن ما يقرب من نصف الشعب الأمريكي يؤيدون تقييد الحقوق المدنية للمسلمين في أمريكا.
فهل انتهت التجربة الغربية بعدم القدرة على استيعاب الآخرين؟ أم أن الغرب لا يثق بقدرة فكرته الرئيسة على منافسة الآخرين؟ لعل الجواب يكمن في معرفة دوافع رفض الاتحاد الأوروبي لانضمام دول في قلب اوروبا مثل البوسنة والهرسك أو كوسوفا أو البانيا أو حتى تركيا رغم تلبية كل الشروط، ومنها قبول هذه الدول التعددية الثقافية.
إن العالم العربي والاسلامي يمتلك مصادر المنافسة بحكم قوته من خلال ثروته الدينية والثقافية (العقيدة والقرآن) وانتصاره الفكري وتوافر الثروات الاقتصادية المتنوعة والكبيرة، والتنوع الجغرافي والسكاني، حيث المواقع الجيوسياسية الكبيرة ومفاصل القارات العالمية والعقول الاسلامية الكبيرة المهاجرة، ووجود الأقليات الاسلامية في جميع القارات، مع امتلاكه للفكرة (الإسلام) التي حان وقتها، وليس هناك أقوى من جيش تبنى فكرة عظيمة يؤمن بها نحو مليار ونصف المليار مسلم، أي نحو (20% من سكان المعمورة) بقبلة واحدة وحج موحد.
رؤية: (الآفاق المستقبلية للقطاع الثالث عالمياً)
تنبع اهمية الكتابة عن ملامح مستقبل القطاع الثالث عالميا والقطاع الثالث الإسلامي بشكل خاص، من ظاهرة القلق وشعف الناس بالتعرف الى المستقبل والبحث عن أجوبة لما ينتظرهم من خير وشر، وليعالج ذلك بالاقبال على الله عامة ثم من خلال مراكز الدراسات وقراءة المستقبل من الأدلة والأرقام والاحصاءات والمؤشرات.
ويؤكد الشيخ سلمان العودة أن "الغفلة عن المستقببل ستجعلنا مشغولين أبدا بإطفاء الحرائق هنا وهناك عن العمل الجاد الذي يخفف المعاناة عن أجيالنا اللاحقة".
إن ما ورد في الفصول السابقة يؤكد اهمية الدراسات المستقبلية المستندة الى واقعية ومقتضيات البحث العلمي في تناول هذا الموضوع المهم والحيوي، وعرض هذه الرؤية المستقبلية يستوجب ان تكون شاملة بشقيها الايجابي والسلبي، علها تكون حافزا للمزيد من الدراسات والابحاث حولها، خاصة من المراكز المتخصصة.
الرؤية الايجابية (معطيات ومؤشرات):
يلاحظ المتابع لحركة التاريخ بعد الحرب العالمية الثانية ان القوة المحركة والمؤثرة كانت القوت العسكرية، ثم اصبحت القوت السياسية، لتتبعها بعد ذلك القوة الاقتصادية بمساندة قوية من ثقافة وسائل الاعلام وامراكز المعلومات، وكلها قوى محركة ولاتزال، ونقطة ضعفها انها قوى غير مرغوب فيها لدى كثير من الأمم والشعوب، لأنها في غالب أمرها أصبحت على حساب الانسان وقيم العدالة والحرية وعلى حساب معظم احتياجات الإنسان الروحية والاجتماعية والخدمية.
وتأتي اهمية عرض هذه الرؤية بجانبها الايجابي متقدمة على الجانب السلبي لتعطي تصورا لما يمكن اعتباره القوة الجديدة المرشحة للتغيير أو التأثير في عالم القرن الحادي والعشرين بشكل منافس للقوة السياسية أو الاقتصادية وذلك على مستوى القيم والقبول والولاء والتفاعل الشعبي والأثر الايجابي الكبير للأسباب والمعطيات او الاعتبارات والمؤشرات التالية في هذا الفصل إضافة الى الحقائق المستقبلية.
ضعف مصداقية القطاعات الحكومية:
تظهر استطلاعات الرأي في الدول الغربية ان مستويات الثقة في الحكومة منخفضة ويبدو أن الناس يلاحظون ان المعلومات التي يجري الحصول عليها من المصادر غير الحكومية جديرة بالثقة اكثر من المعلومات الصادرة عن الحكومات. وفي ذلك تقول آن فلوريني عن القولة الثالثة: "أظهرت دراسات عدة تضاؤل معدلات الثقة بالحكومات وانخفاض مستويات الرضا على أداء النظام في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية خلال العقود الاربعة الماضية، وبالمقابل يبدو ان الرأي العام يضفي على منظمات المجتمع المدني سلطة اخلاقية".
وورد في تقريرين متتابعين لمجلة نيوستيتسمان البريطانية: "قبل جيل من الآن كان ثلاثة ملايين ونصف المليون من البريطانيين ينتمون الى حزب من الاحزاب البريطانية، هذا الرقم انخفض اليوم الى نصف مليون.. تراجع الاحزاب لم يأتي من عزوف الناس عن المساهمة في المشاريع العامة.. حوالى 40% من السكان في بريطانيا لهم عضوية خيرية، وحوالى ثلاثة ملايين ممن تتراوح أعمارهم بين 18 24 (وهي الشريحة العمرية التي تنأى عادة عن عملية التصويت) تقوم بعمل تطوعي في كل عام، في حين أن نسبة 81% من البريطانيين البالغين تبرعوا لضحايا "تسونامي"، كما يفوق عدد أعضاء المؤسسة الخيرية الوطنية مجموع اعضاء الاحزاب السياسية مجتمعة".
وعلى صعيد ضعف مصداقية الحكومات كتبت الباحثة البريطانية هيرتس فقالت: "ولا عجب ان كان نجم السياسيين قد أخذ في الأفول، فالناس يدركون تضارب مصالح السياسيين وعدم استعدادهم لتبني قضايا الناس، ومن ثم ينفضون عن السياسة بالجملة".
واضافت أن "التسعينيات اتسمت بانخفاض نسبة المقترعين وانخفاض نسبة المنتسبين للأحزاب، وكان تقييم رجال السياسة من حيث الجدارة بالاحترام أدنى من تقويم حرس اماكن وقوف السيارات".
"لقد غدا الناس اليوم أقل ثقة بالمؤسسات الحكومية مما كانوا عليه قبل عشر سنوات، وفي الانتخابات العامة التي جرت في بريطانيا عام 2001م لم تزد نسبة المقترعين على 49% وهو أدنى اقبال منذ الحرب العالمية الثانية. أما في الولايات المتحدة الأمريكية فإن نسبة الاقتراع الذي جرى في السنوات الست الماضية لم تشهد مثيلا لها خلال قرنين، حيث امتنع عن التصويت بحرية كثير من المواطنين الأمريكيين".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.