شهد السوق السعودي تراجعًا ملحوظًا خلال شهري نوفمبر وديسمبر من عام 2025م، وجاء هذا الهبوط نتيجة لعدة عوامل، من أبرزها حالة عدم اليقين المرتبطة بالتطورات الجيوسياسية العالمية، واستمرار التوترات التجارية وفرض الرسوم الجمركية بين الولاياتالمتحدة والصين وأوروبا، إضافة إلى تقلبات أسعار النفط وارتفاع أسعار الفائدة، الأمر الذي أدى إلى شح السيولة في الأسواق. وفي الواقع، تأثرت معظم الأسواق العالمية بهذه العوامل، بما في ذلك السوق السعودي. إلا أنه لوحظ تحسن أداء العديد من الأسواق العالمية والخليجية مؤخرًا، في حين استمر السوق السعودي في مساره الهابط، رغم تحسن أسعار النفط عالميًا. وهنا يبرز تساؤل مهم: لماذا يشهد السوق السعودي انخفاضات متتالية؟ تكمن الإجابة في وجود عوامل داخلية أسهمت بشكل مباشر في هذا التراجع، من أبرزها كثرة الطروحات الأولية لشركات جديدة بأسعار تفوق قيمتها العادلة. وقد انعكس ذلك سلبًا عند إدراج هذه الشركات، حيث تم تداول أسهمها بأقل من أسعار الاكتتاب، ما أدى إلى عزوف شريحة واسعة من المستثمرين الأفراد عن المشاركة في اكتتابات جديدة. كما شهد السوق خروج سيولة ملحوظة من قبل المحافظ والصناديق الاستثمارية الكبرى التي تمتلك حصصًا مؤثرة في العديد من الشركات المدرجة. أما بشأن مستقبل السوق، فتشير التحليلات إلى أن مؤشر سوق الأسهم السعودي مرشح للتحسن خلال الفصول القادمة من عام 2026م. ويُعزى ذلك إلى عدة عوامل داعمة، من أبرزها تحسن معنويات المستثمرين مع وصول العديد من الأسهم إلى مكررات ربحية جاذبة، ما قد يسهم في عودة السيولة التي خرجت سابقًا إلى أسواق أخرى. إضافة إلى ذلك، فإن قوة الاقتصاد السعودي، وتوقعات خفض المزيد من أسعار الفائدة العالمية، واستمرار نمو الأنشطة غير النفطية، كلها عوامل تعزز من أداء السوق على المدى المتوسط والطويل. كما يُتوقع أن يسهم فتح السوق بشكل أوسع أمام المستثمرين الأجانب خلال عام 2026م في جذب سيولة جديدة، وزيادة الطلب على الأسهم، الأمر الذي قد ينعكس إيجابًا على المؤشر العام للسوق.