قبل أسابيع قليلة من الموعد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية من مناطق سيطرة الحكومة العراقية، تتواصل النقاشات داخل أروقة صنع القرار في واشنطن حول تداعيات هذه الخطوة، في وقت يتفق فيه المسؤولون الأمريكيون على إبقاء قوات محدودة في إقليم كردستان لعام إضافي؛ بهدف مواصلة جهود محاربة تنظيم"داعش". وكشفت مصادر مطلعة أن مؤسسات عسكرية واستخباراتية أمريكية أبدت تحفظاً على قرار الانسحاب، معتبرة أن الأوضاع في العراق"هشة" ومعرضة لضغوط سياسية وأمنية متزايدة، بدءاً من نشاط خلايا "داعش" مروراً بتأثير الميليشيات، وصولاً إلى التوترات المستمرة بين بغداد وأربيل، كما يضاف إلى هذه التحديات الاضطراب الإقليمي في سوريا والدور التركي في الشمال الذي يزيد المشهد تعقيداً. ورغم هذه التحذيرات، شدد مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية على التزام واشنطن بإنهاء مهمة التحالف العسكري في العراق بحلول سبتمبر 2025، مع استمرار دعم العمليات ضد "داعش" في سوريا انطلاقاً من قواعد عراقية حتى سبتمبر 2026. هذا الموقف يعكس اختلافاً واضحاً بين البيت الأبيض، الذي يتمسك بخطة الانسحاب، وبين القيادات العسكرية التي تخشى تكرار سيناريو عام 2011 حين انسحبت القوات الأميركية ثم اضطرت للعودة سريعاً بسبب انهيار الأوضاع. وفي موازاة ذلك، تبرز ملفات خلافية بين واشنطنوبغداد، أبرزها اتهامات بتهريب النفط والدولار إلى إيران، فبينما تنفي الحكومة العراقية هذه الاتهامات وتؤكد التزامها بالإجراءات المالية والرقابية، يشير بعض المسؤولين الأمريكيين إلى أن قنوات التهريب تنشط خصوصاً في مناطق إقليم كردستان. كما تواصل واشنطن الضغط على بغداد بشأن مشروع "قانون الحشد"، حيث عبّر وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو عن قلق بلاده من أن يؤدي هذا القانون إلى"إضفاء شرعية على نفوذ إيراني متزايد داخل المؤسسات العراقية". وبين ضغوط الانسحاب وملفات النفط والدولار والسلاح، يرى مراقبون أن المرحلة المقبلة قد تحمل اختبارات صعبة للحكومة العراقية، إذ إن خروج القوات الأمريكية قد يفتح الباب أمام تنافس إقليمي محتدم على النفوذ داخل العراق، ما يجعل عام 2026 مرشحاً لأن يشهد توترات سياسية وأمنية واسعة النطاق.