اقترح الناقد والأكاديمي السعودي الدكتور معجب العدواني ثلاث مسارات رئيسة رأى أنها تغلب على الرواية السعودية، فيما رأى الروائي والسيناريست محمد المزيني أن الرواية السعودية مرت بمراحل عدة من النشأة إلى التحولات الأخيرة التي وصلت بها إلى إنتاج نحو 400 رواية سنويا من عام 1421، في وقت شددت أستاذة الدراسات النقدية الدكتورة جملة العبيدي على أن الروائية السعودية انتقلت من الوعي الفردي إلى الوعي السردي معيقة علاقة باللغة والمجتمع في السنوات الأخيرة. جاء ذلك خلال ندوة "الرواية السعودية.. النشأة والتطوير" التي أقيمت في اليوم الافتتاحي لمهرجان كتارا للرواية العربية (الاثنين 13 أكتوبر) المقام حاليا في الدوحة. وجاءت الندوة ضمن احتفاء مؤسسة كتارا بالرواية السعودية، حيث اختيرت السعودية "ضيف شرف" للدورة الحالية لمهرجان كتارا. مسارات مقترحة أكد العدواني أن المسارات المهيمنة على الكتابة الروائية السعودية هي "الشعري"، و"التاريخي"، و"السيرة الذاتية". وقال "المسار الشعري يتنامى ويصل إلى مرحلة حديثة جدا، فيما يحضر التاريخي بشكل ملحوظ، ويبقى لمسار السيرة الذاتية دور وتأثير وحضور كبير في الرواية السعودية". وأضاف فيما يتعلق بالمسار الشعري "بدأت الرواية السعودية عام 1930 بعمل "التوأمان" لعبدالقدوس الأنصاري، وكنت الأعمال في البدايات لشعراء أحبو ممارسة الكتابة الروائية وهو أول مساس بين الشعر والرواية، وقد امتد وتواصل حتى التسعينات، حتى أن النقاد الذين مارسوا نقدهم الحداثي ركزوا على الكتابات الروائية المشعرنة.. ومع التسعينات بدأ بعض الكتاب يمارسون التجريب في السرد مثل عبده خال ويوسف المحيميد، في الوقت نفسه كان هناك الروائية رجاء عالم في عمل (أربعة صفر) ثم قدمت 5 أعمال أخرى وكانت تكتب لغة مكثفة شعريا". وتابع "امتد الأمر إلى تحول شعراء للكتابة الروائية، وأبرزهم غازي القصيبي، حيث عرف كروائي كما عرف كشاعر، ومنهم عواض العصيمي في "أو على مرمى الصحراء.. في الخلف" ومحمد علوان في "سقف الكفاية" وهي رواية ممتلئة شعرا إضافة لامتلائها بالسرد، وأحمد أبو دهمان". وفيما يتعلق بالمسار التاريخي، قال "هناك روايات سعودية بدأت تكتب بصيغة التخييل التاريخي، كأن يختار الكاتب حدثا محددا ثم يضيف إليه جانبا إبداعيا كبيرا مثل سعيد السريحي في روايته "جدة 915 ه"، وهناك رواية تاريخية بلا تخييل مثل "ضباعة العامرية"، ويكون السارد في الرواية التاريخية مقيدا بحضور التاريخ". وحول مسار السيرة الذاتية، أوضح "ظهرت في واحدة من أعمال رجاء عالم "طريق الحرير" التي لا يمكن استبعاد تأثير حضور السيرة فيها، وكذلك فعل غازي القصيبي في "شقة الحرية"، لكن عالم والقصيبي أوجدا صنيعة سردية في الكتابة". السبق على محفوظ من جانبه شدد المزيني على أن رواية "التوأمان" التي تعد بداية الرواية السعودية 1930 سبقت حتى روايات نجيب محفوظ زمنيا، تلتها رواية "فكرة" لأحمد السباعي وهي أول رواية تتناول هموم الفتاة السعودية، ثم كانت الرواية الثالثة "البعث" لمحمد علي مغربي وكانت تنتقد رواية "فكرة". ثم كانت رواية "الانتقام" لمحمد الجوهري 1954، وكل هذه الروايات شكلت مرحلة الرواد، لكنها أنجبت 4 روايات فقط". وأضاف "جاءت بعدها مرحلة التأسيس مع روايتي "ثمن التضحية" و"ومرت الأيام" لحامد دمنهوري الذي يعد أبو الرواية السعودية، وهذه الرواية الأخيرة فيها مونولوج داخلي لم يسبقه أي روائي سعودي إلى استخدامه". واسترسل "نفخ إبراهيم الناصر الحميدان في الرواية السعودية الجديدة لتقوم على أسس الفن وهو مجدد كما في روايته "ثقب في رداء الليل" و"سفينة الموتى" أو "سفينة الضياع" حيث كتب أول رواية للقرية في مقابل المدينة. وهناك كذلك روايات عبدالرحمن منيف التي بدأت 1977 وشهدت إقبالا عربيا كبيرا". وعن الرواية النسائية السعودية، أوضح "تأخرت إلى أواخر الستينات الميلادية". وختم" المرحلة الأخيرة للرواية السعودية كانت رواية مرحلة التحولات، وهو ما نعيشه حاليا في السعودية وحتى عربيا، فمنذ عام 1421 للهجرة يصدر حتى الآن نحو 400 رواية سعودية سنويا حسب إحصائية خالد اليوسف أغلب كتابها من الشباب، وساعدت دور النشر ومواقع التواصل في هذا الكم الكبير من الروايات الذي أوصل عدد الروايات السعودية إلى نحو 3000 رواية". تغير الوعي أما الدكتورة العبيدي، فركزت على أن الرواية النسائية السعودية شهدت تحولا في بنية الوعي وطريقة الإنسان في فهم الإنسان والكتابة عنه. وأوضحت أن السرد النسائي في الوعي الأدبي الحديث عند المرأة نظام معرفي متكامل حيث انتقلت الكاتبة السعودية من الوعي الفردي إلى الوعي السردي معيدة علاقتها باللغة والمجتمع. وقالت "في البدايات كانت الكاتبة السعودية تكتب كأنما تفعل من وراء جدار، لكن تطور الأمر لاحقا وظهر جيل من الكاتبات ينظر للرواية كتفكيك للوعي الجمعي وتغيير نظرته للمرأة، حيث أعادت الكاتبة صياغة كتابتها لتعبر عن خروج عن التفكير القديم، وصارت اللغة عندها صراعا رمزيا يكشف عن مناطق الصمت المحجوبة خلف الكلمات، كما حولت الزمان والمكان إلى شخصية رئيسة في العمل الأدبي فلم يعودا فقط مسرحا للوقائع". وأضافت "الكاتبة السعودية تحولت إلى دور الذات المفكرة، وصارت رواية المرأة فضاء فلسفيا لتفكيك الوعي الجمعي، وتعبيرا ليس عن نفس الكاتبة بل إعادة لكتابة العالم باللغة الخاصة للمرأة السعودية".