في خضم حالة الجمود التي تشهدها مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحركة حماس، يلوّح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بخيارات ميدانية جديدة أبرزها احتلال كامل لقطاع غزة، وهو طرح يعكس التوتر المتزايد داخل مؤسسات صنع القرار، وسط خلافات حادة بين القيادة السياسية والعسكرية حول الجدوى والمخاطر المترتبة على مثل هذا التوجه. ووفقًا لما نقلته القناة 12 الإسرائيلية؛ فإن نتنياهو قدم خطتين رئيسيتين في هذا السياق: الأولى تقوم على فرض إدارة عسكرية ميدانية في غزة تتيح للجيش توسيع عملياته، والثانية تركز على تطويق تدريجي لبعض المخيمات والمناطق الحيوية مع فتح ممرات إنسانية، غير أن الجيش الإسرائيلي، ممثلًا برئيس الأركان إيال زامير، رفض بشكل قاطع الخطة الأولى محذرًا من أنها ستكون باهظة الثمن عسكريًا، وقد تعرض حياة الرهائن للخطر، ما دفع وزير الدفاع إسرائيل كاتس إلى محاولة التوفيق بين الجانبين، مؤكدًا دعم الجيش للقرار السياسي مع احترام آراء قادته. في المقابل، اتخذ زعيم المعارضة يائير لابيد موقفًا رافضًا لاحتلال غزة، واصفًا المقترح ب"الخطأ الإستراتيجي"، داعيًا إلى التعاون مع مصر لإيجاد إدارة مدنية مؤقتة للقطاع. ووسط هذا الجدل، كشفت القناة ذاتها أن حماس تمتلك أجهزة إنذار مبكر وتكنولوجيا مراقبة متطورة، ما يعقد أي محاولة إسرائيلية لاستعادة الأسرى المحتجزين دون خسائر. في الجانب الفلسطيني، حذرت القيادة من أن أي عملية عسكرية واسعة النطاق ستؤدي إلى مجازر بحق المدنيين، في ظل الانهيار الكامل للخدمات الأساسية، فالأوضاع الإنسانية في القطاع بلغت مستويات غير مسبوقة من التدهور؛ إذ يعاني غالبية السكان من الجوع والعطش، مع توقف محطات التحلية بسبب انقطاع الكهرباء والوقود، وتلوث المياه الجوفية بدرجة عالية من الملوحة. وأكدت منظمة أوكسفام أن الفرد في غزة يستهلك ما لا يتجاوز 5 لترات من الماء يوميًا، وهو أقل بكثير من الحد الأدنى العالمي، مشيرة إلى أن الوضع ينذر بكارثة صحية. وتحول الأطفال إلى ناقلي مياه يحملون عبوات بلاستيكية لمسافات طويلة، في صورة تختزل انهيار الطفولة وغياب الأمان، بينما تحذر تقارير بيئية من تفشي الأمراض المعدية كالإسهال والتهاب الكبد. وفي ظل هذه المأساة الإنسانية، يتمسك نتنياهو بخيارات عسكرية محفوفة بالمخاطر، وسط انقسام داخلي وتحذيرات إقليمية ودولية متزايدة من تبعات الاجتياح الكامل، الذي قد لا يحسم شيئًا على الأرض، لكنه بالتأكيد يعمق جراح غزة ويزيد معاناة أهلها.