انطلقت في العاصمة الماليزية كوالالمبور أمس (الاثنين)، محادثات تمهيدية بين مسؤولين عسكريين من تايلاند وكمبوديا، في محاولة لإرساء أسس سلام دائم عقب تصعيد عسكري حدودي خطير، هو الأسوأ بين الجارتين في جنوب شرق آسيا منذ أكثر من عقد. تأتي هذه اللقاءات قبيل اجتماع وزاري مرتقب يوم الخميس، يضم وزيري دفاع البلدين، بالإضافة إلى حضور ممثلين عن الولاياتالمتحدة، والصين، وماليزيا، في إطار لجنة الحدود العامة التي تسعى لتثبيت وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الأسبوع الماضي. وكانت اشتباكات عنيفة قد اندلعت على الحدود المشتركة بين البلدين أواخر يوليو الماضي، واستمرت خمسة أيام، وتخللتها عمليات قصف مدفعي وغارات جوية، أودت بحياة ما لا يقل عن 43 شخصًا، وأجبرت أكثر من 300 ألف مدني على النزوح من القرى والمناطق الحدودية. وتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار خلال اجتماع عُقد في ماليزيا الاثنين الماضي بمشاركة دولية واسعة، غير أن الهدنة لا تزال هشّة، وسط استمرار التوترات والمخاوف من انهيارها في أي لحظة. ورغم المحادثات الجارية، لا تزال حالة انعدام الثقة تطغى على الأجواء، فقد أصدرت وزارة الدفاع الكمبودية بيانًا اتهمت فيه القوات التايلاندية بانتهاك بنود الهدنة، من خلال تحريك حفارات ونصب أسلاك شائكة في منطقة حدودية متنازع عليها. وفي المقابل، لم يصدر رد رسمي من الجانب التايلاندي على هذه الاتهامات حتى لحظة إعداد هذا التقرير، في وقت تؤكد فيه مصادر دبلوماسية أن المفاوضات تركز حاليًا على وضع آلية مراقبة مشتركة وتحديد خطوط فاصلة واضحة لمنع الاحتكاك الميداني. ويُنظر إلى الدور الذي تلعبه ماليزيا، إلى جانب الولاياتالمتحدة والصين، باعتباره محوريًا في احتواء التوتر وضمان التزام الطرفين بوقف التصعيد. إذ تخشى هذه القوى من أن يؤدي تفاقم الصراع إلى زعزعة استقرار منطقة جنوب شرق آسيا، وفتح باب لتدخلات أوسع. وبينما يعوّل المراقبون على اللقاء الوزاري المرتقب الخميس، فإن نجاح المحادثات يبقى مرهونًا بإرادة سياسية حقيقية لدى الطرفين، وتوفر ضمانات دولية تمنع العودة إلى مربع المواجهة المسلحة.