في خطوة طال انتظارها لاحتواء التصعيد الحدودي المتصاعد، أعلنت تايلاندوكمبوديا توصلهما إلى اتفاق "غير مشروط" لوقف إطلاق النار، دخل حيّز التنفيذ أمس (الاثنين)، بعد أسابيع من الاشتباكات المسلحة التي أودت بحياة العشرات وأجبرت آلاف المدنيين على النزوح. وأكد رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، الذي لعب دور الوسيط بين الجانبين، أن الاتفاق ينص على وقف فوري وكامل للأعمال القتالية دون شروط مسبقة، معربًا عن أمله في أن يشكل هذا التفاهم نقطة تحول نحو التهدئة والاستقرار في المنطقة الحدودية. ومن جهته، وصف رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت الاتفاق بأنه "تسوية للمضي قدمًا"، في إشارة إلى نية كمبوديا طيّ صفحة التصعيد العسكري، والانخراط في مسار تفاوضي أكثر استدامة. وكانت مناطق الحدود بين البلدين شهدت صراعًا مسلحًا متقطعًا منذ أواخر مايو الماضي، بعد حادثة ميدانية أثارت توترًا شديدًا، حين أطلق جنود تايلانديون النار على موقع عسكري كمبودي في منطقة متنازع عليها، ما أدى إلى مقتل جندي كمبودي وجرح آخرين. وتكررت المواجهات لاحقًا، لا سيما في 24 يوليو، حين اندلعت اشتباكات عنيفة فجراً في المنطقة الحدودية بين محافظة"برياه فيهير" الكمبودية ومحافظة"أوبون راتشاثاني" التايلاندية. ووفق بيان صادر عن الحكومة التايلاندية، فإن حصيلة الصراع بلغت حتى الآن 22 قتيلاً، بينهم 8 جنود، وإصابة نحو 140 شخصاً، بينما تم إجلاء أكثر من 139 ألف مدني من محافظاتتايلاندية حدودية؛ شملت سيساكيت وسورين وأوبون راتشاثاني. وأضاف البيان أن 103 جنود تايلانديين أُصيبوا خلال العمليات العسكرية. ويرجع التوتر بين تايلاندوكمبوديا إلى نزاع طويل الأمد حول مناطق حدودية متنازع عليها، خاصة في المناطق المحاذية لمعبد برياه فيهير؛ المدرج على قائمة التراث العالمي لليونسكو. وعلى الرغم من صدور حكم من محكمة العدل الدولية في عام 2013 يؤيد السيادة الكمبودية على المعبد، إلا أن مناطق مجاورة له لا تزال محل خلاف. ويأمل مراقبون أن يُسهم اتفاق وقف إطلاق النار في تمهيد الطريق نحو إعادة فتح قنوات الاتصال الدبلوماسي بين الجارتين، وتجنب الانزلاق إلى صراع إقليمي أوسع؛ قد يهدد استقرار منطقة جنوب شرق آسيا.