يبدو أن المستقبل القريب سيحمل إلى حياتنا موانع الحمل الخاصة بالرجال. فمنذ ظهور موانع الحمل الهرمونية للنساء قبل ثلاثة أرباع قرن، ظلت موانع الحمل الخاصة بالرجال لا تتعدى اثنين، أحدهما : الواقي الذكري، وعيبه أن من كل مائة يستخدمونه لمدة اثني عشر شهراً، فإن عشرين منهم ستحمل نسائهم، و ثانيهما: عملية قطع الأسهر (vasectomy)، وهي عملية سهلة تجرى تحت مخدر موضعي بواسطة جرح صغير في الكيس الصفني (الحاوي للخصيتين) يمكن الجراح من الوصول إلى الأنبوب، الذي ينقل السائل المنوي من الخصية إلى الخارج، وبالتالي يصبح السائل المنوي خالياً من الحيوانات المنوية خلال ثلاثة أشهر بعد العملية، ويمتنع بذلك الحمل عند أي من زوجات الرجل. عيب هذه الطريقة أنها نهائية بمعنى أننا لا نستطيع عكسها؛ لذا لو غير الرجل رأيه بعد وقت لا يمكننا مساعدته، ورغم أن هذه العملية تُمارس كثيراً في الغرب، بل و زاد الإقبال عليها في السنوات الأخيرة، إلا أننا في العالم الإسلامي لا ننصح بها، بل و تُعتبر غير قانونية، وهي مشابهة لما يجري لبعض النساء من عمليات ربط الأنابيب، فعند النساء يمكن إغلاق أو قطع أو استئصال قناتي فالوب، وهما قناتان لا بد أن يعبر من خلالهما الحيوان المنوي في طريقه للبويضة، وعملية ربط الأنابيب تغلق هذا الطريق، فيمتنع الحمل إلا بوسيلة أطفال الأنابيب؛ لذا لا يجوز إجراؤها لمن تريد منع الحمل مؤقتاً، وأما الامتناع عن الحمل نهائياً فله موانع دينية ومجتمعية، فلا تجوز إلا إذا كان الحمل خطراً كبيراً على صحة الأم؛ إما لأن مرضها يتأثر سلباً بالحمل فيهدد حياتها بالمخاطر، وإما لضرورة ولادتها بعمليات كلما زادت كلما زادت مخاطر الجراحة على صحتها، وإذا قارنا مسوغات عملية ربط الأنابيب للمرأة بعملية ربط الأسهر للرجل، فإننا لن نجد مسوغاً لإجراء العملية للرجال، لأن حمل الزوجة لا يسبب ضرراً صحياً للرجل. وعليه فقد ظل منع الحمل مسؤولية تقع على عاتق الزوجة وحدها، في حين أن المفروض أن تكون المسؤولية مشتركة بين الزوجين، وفي الماضي لم تحقق الأبحاث التي تُجري للوصول إلى مانع حمل كفؤ مؤقت، غير ضار للرجال، ولكن المستقبل القريب يحمل الكثير من المستجدات التي قد ترى النور قريباً (يتبع).