«لطف الله لا يتأخر، يعيد تشغيل الأرواح عندما تتجمد، ويحفظ أحلام العباد حتى لو تكسرت في أيديهم» نحن نطارد إشعارات التحديث في هواتفنا وبرامجنا، كأننا نخشى بشدة من ثغرة تسرق خصوصيتنا، أو عطل يجمد شاشة عالمنا الصغير. نضغط (تحديث الآن) بلا تردد... لكن، حين يظهر الإصدار الجديد من حياتنا، يضم تحسينات للشخصية، ترقيات للنية، إصلاحات للعلاقات... نتجاهل الإشعار. نؤجل. نؤجل أكثر. حتى نتعطل نحن، لا هواتفنا. كيف صار الإنسان آخر من يفكر في إصلاح نفسه؟ كيف صرنا نعتني بقطعة زجاج في أيدينا أكثر من الروح الخافتة خلف صدورنا؟ نرتعب من «فيروس» في جهاز... ولا نهتز لجرح عميق في أخلاقنا. الله يقول: ﴿إن الله لا يغير ما بقوم حتىٰ يغيروا ما بأنفسهم﴾ [الرعد: 11] إشعار سماوي واضح... تحديث ينتظر الموافقة. الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف» قوة هنا ليست عضلية فقط، بل قوة في الإرادة، في المرونة، في أخذ نسخة احتياطية من نفسك كلما سقطت... ثم العودة أقوى. في زمن السرعة... صار الجمود عيباً. هناك من يعيش بعقلية إصدار 2005، بينما العالم حوله على وشك 2050. تراه يصر على طريقته القديمة في كل شيء: غضبه قديم، عناده قديم، نظرته للعالم «قديمة الإصدار». يتباهى بأنه ثابت... لكن الحقيقة أنه معطل. يا صديقي...الثبات على القيم عظمة، والثبات على العيوب مصيبة. الإشارات التحذيرية تظهر كل يوم: خصام متكرر؟ فشل متكرر؟ مشاكل تتفاقم دون حلول؟ هذه ليست «شؤماً من القدر»... هذه شاشة تقول لك: System Error. Restart Needed. ومعناها (عطل في النظام... يلزم إعادة التشغيل فوراً!!) ومع ذلك... نكابر. ونقول: «الآخرون يجب أن يتغيروا»... وأحياناً نظن أننا نحن التحديث، والعالم كله نسخة تجريبية معيبة! وما ندري أننا أصبحنا، حرفياً، نسخة لا تدعمها الحياة. الفلاسفة يقولون: «الحياة تغير، ومن لا يتغير... يغير». وسقراط كان يؤكد أن «التحول هو سر الذكاء». وابن الجوزي يقول: «ما يضرك لو نظرت إلى عيوب نفسك؟» لكن كثيراً من الناس لا يزالون يختبئون خلف «إعدادات المصنع»، يرفضون أن يعترفوا بوجود خلل واحد، ولو اهتزت حياتهم كلها بسبب عناد زر واحد. كم علاقة انتهت لأنها لم تحصل على تحديث بسيط؟ كم روح تعطلت لأنها لم تعدل طريقة استقبالها للأحداث؟ كم فرصة طارت لأننا تجاهلنا تحسين «الأداء الاجتماعي»؟ كم من شخص يعيش على «ذاكرة ممتلئة»... لكنه مليء بالفراغ؟ الحياة ليست طويلة بما يكفي لنهدرها بانتظار أن يتحسن كل شيء وحده... في التقنية يسمون هذا وهم الاكتفاء الذاتي. وفي الحياة... يسمونه غباء فاخراً. التحديث ليس أن تصبح نسخة تشبه الآخرين... بل أن تصبح نسخة أصدق منك.أذكى.ألطف. أكثر اتزاناً وأقل صخباً. أن تطور إنتاجية قلبك قبل إنتاجية هاتفك. أن تمنح الآخرين مساحة أكبر في شاشة حضورك. أن تتعلم كيف «تمسح البيانات الضارة»... من ذاكرتك. وتحتفظ بالصور التي تبهج روحك فقط. نعرف كيف نستخدم «الوضع الليلي» لأعيننا، لكننا لا نعرف كيف نستخدم «الوضع الهادئ» لأفكارنا.نخاف نفاد البطارية... ولا نخاف نفاد الرحمة. نوصل هواتفنا بالكهرباء كل ليلة،ولا نوصل قلوبنا بالاستغفار إلا عند الانطفاء الأخير! الله لطيف بعباده، يرسل لك من حين لآخر أشخاصاً، مواقف، سقوطاً صغيراً...كأنها إشعارات تقول لك: انتبه لنفسك... لقد حان التحديث. امنح حياتك Reset (إعادة ضبط) دون أن تخسر إنسانيتك.احذف ما يؤذيك،واحتفظ بما ينفعك، وحمل قدراً أكبر من الامتنان. كلنا معرضون للأخطاء والثغرات.لكن الجميل،أن الله لا يتركنا ننكسر دون فائدة.كل جرح... تحسين.كل عثرة... ترقية.كل دمعة... ملف نجاة سري. لا تنتظر حتى تتعطل بالكامل.لا تجعل مشاكلك تتكدس في «سلة مهملات القلب».لا تكن تحديثاً مؤجلاً... يعيش في عالم سريع. ابتسم الآن،واضغط: «تحديث الآن» فالله يحفظ من يحاول، ويقوي من يعترف بنقائصه، ويأخذ بيد من يطلب إصلاحاً داخلياً ولو بحرف واحد. تمضي الحياة، وتبقى أنت مسؤولاً عن «إصدارك الأخير».إما نسخة مهملة... وإما نسخة تتحدى العالم وتتفوق على غابة بأكملها. ابتسم الآن... فأنا أكتب لأجلك ولأضيء قلوباً!