في ظل تصاعد العمليات العسكرية واستمرار الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، تواجه مدينة الفاشر – عاصمة ولاية شمال دارفور – كارثة إنسانية غير مسبوقة، وسط اتهامات متزايدة بارتكاب انتهاكات واسعة ضد المدنيين. وقالت جمعية "محامو الطوارئ"، وهي منظمة حقوقية ترصد انتهاكات الحرب في السودان: إن قوات الدعم السريع قتلت 14 مدنياً على الأقل خلال محاولتهم الفرار من قرية قرني الواقعة شمال غربي الفاشر، السبت الماضي. وذكرت الجمعية أن العشرات أصيبوا بجروح، كما اعتُقل عدد غير معروف من المدنيين خلال الهجوم. وأضافت الجمعية أن "الجريمة وقعت عقب مغادرة الضحايا مدينة الفاشر، في محاولة يائسة للنجاة من ظروف الحصار والمعارك العنيفة"، محذّرة من أن هذه الانتهاكات جزء من نهج متكرر تتبعه قوات الدعم السريع في المناطق الخاضعة لنفوذها. من جهته، أعلن الجيش السوداني، أنه صدّ هجوماً مزدوجاً شنّته قوات الدعم السريع و"مرتزقة" أجانب على محوري المدينة الشمالي الشرقي والجنوبي الغربي. وأكد أن الفرقة السادسة مشاة والقوات المساندة ألحقت خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد بقوات الدعم السريع. وفي تطور خطير، كشف المتحدث باسم مخيم زمزم للنازحين قرب الفاشر، أن قوات الدعم السريع منحت المخيم لمرتزقة من كولومبيا بعد السيطرة عليه في أبريل الماضي. وأشار إلى أن القوات قامت بتشريد سكان المخيم، واستبدلتهم بمسلحين أجانب في محاولة لطمس آثار الانتهاكات. على الصعيد الإنساني، حذّرت منظمات إغاثية محلية ودولية من انهيار تام للوضع المعيشي في شمال دارفور، حيث أدى الحصار إلى توقف جميع "التكايا" – المطابخ الخيرية – وانتشار المجاعة. وأكد ناشطون أن الفاشر "تسير بخطى متسارعة نحو كارثة غذائية"، وسط غياب أي تدخل دولي فعّال. وفي السياق ذاته، أطلقت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسف) تحذيرات شديدة من انتشار وباء الكوليرا، مشيرة إلى أن 640 ألف طفل معرضون للإصابة في ولاية شمال دارفور وحدها. ووفقاً لإحصاءات المنظمة، فقد تم تسجيل 20 حالة وفاة وقرابة 1200 إصابة مؤكدة بالكوليرا خلال الأربعين يوماً الماضية، من بينهم 300 طفل.