لأول مرة منذ عقود، تضع الحكومة اللبنانية على طاولة اجتماعها المقبل يوم الثلاثاء بنداً يعتبر تاريخيًا في سياق العلاقة المعقّدة بين الدولة وحزب الله، ويتمثل في مناقشة خطة لحصر السلاح بيد الجيش اللبناني، بما في ذلك وضع جدول زمني لتسليم سلاح الحزب، على وقع ضغوط دولية متزايدة، وتبدّل في موازين القوى الداخلية والخارجية. وفي خطاب صريح بمناسبة عيد الجيش، أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية جوزيف عون تمسكه بمبدأ "الدولة ذات السلاح الواحد"، مؤكدًا أن من مسؤولياته ومسؤوليات القوى السياسية أن تدفع بهذا الاتجاه عبر المؤسسات الدستورية، وفي مقدمتها مجلس الوزراء. ويُتوقّع أن تكون الجلسة المقبلة للحكومة مفصلية في هذا السياق، إذ تكثّفت الاتصالات في الأيام الماضية لتأمين الحد الأدنى من التوافق السياسي حول هذا البند الحساس. ورغم ضبابية المواقف، إلا أن مصادر خاصة أكدت أن "الميثاقية مؤمّنة"، وأن الوزراء الشيعة من حزب الله وحركة أمل لن يقاطعوا الجلسة، على عكس ما درجت عليه العادة في محطات خلافية سابقة. ورجحت مصادر حكومية أن تتجه الحكومة نحو إقرار مبدأ حصرية السلاح بيد الدولة، مع تفويض المجلس الأعلى للدفاع بوضع خطة تنفيذية مفصّلة، على أن يشارك قائد الجيش العماد ردولف هيكل في الجلسة لتقديم رؤيته الأمنية لهذه الخطة. يأتي كل ذلك بعد أشهر من الخسائر الكبيرة التي مني بها الحزب في المواجهة الأخيرة مع إسرائيل، التي استمرت 12 يوماً وانتهت باتفاق هدنة بوساطة أمريكية في نوفمبر الماضي. وقد قُتل خلالها عدد من كبار قادته، بينهم الأمين العام حسن نصرالله، وهو ما ترك فراغًا غير مسبوق في هيكل القيادة السياسية والعسكرية للحزب. وسط كل هذه التحولات، ساد جدل في بيروت حول مستقبل المبعوث الأمريكي الخاص إلى سورياولبنان توم براك، وعودة مورغان أورتاغوس إلى واجهة المشهد، غير أن مصادر في الخارجية الأمريكية نفت وجود أي تغيير في هذا الإطار، مشيرة إلى أن براك لا يزال يتابع الملف اللبناني، إلى حين تسلُّم السفير المعيّن في بيروت، مايكل عيسى، مهامه رسميًا. ويُنظر إلى عيسى– المقرّب من الرئيس الأمريكي دونالد ترمب – كأحد الشخصيات التي ستُشكّل فارقًا في مسار الضغط الأمريكي على حزب الله، خصوصًا في ظل توجه واشنطن لتقليص التعامل مع الوسطاء واعتماد الضغط المباشر عبر البعثة الدبلوماسية. أما أورتاغوس، فستزور بيروت بصفتها مستشارة لبعثة الولاياتالمتحدة لدى الأممالمتحدة، لمتابعة ملف القوات الدولية في جنوبلبنان (اليونيفيل)، في ضوء المطالب الأمريكية المتكررة بضرورة تعزيز دورها، وتطبيق القرار 1701 بالكامل.