يعيش الشارع السوداني حالة من الترقب الحذر في انتظار إعلان رئيس الوزراء كامل إدريس تشكيلته الوزارية المرتقبة خلال الأيام القليلة المقبلة، والتي من المتوقع أن يتم الكشف عنها خلال عشرة أيام، في ظل تحديات سياسية معقدة وخلافات بدأت تطفو على السطح مع اقتراب موعد الإعلان. أبرز التحديات التي تواجه رئيس الوزراء الجديد تتعلق بالخلاف الحاد مع الحركات الموقعة على اتفاق سلام جوبا. هذه الحركات تصر على الاحتفاظ بعدد الوزارات التي كانت تشغلها سابقاً، والتي تصل إلى خمس وزارات، مع تمسكها بالحصول على حقائب اقتصادية حيوية مثل وزارة المالية ووزارة المعادن. وتعتبر هذه الحركات أن هذه الوزارات تمثل "استحقاقاً" تم النص عليه ضمن الاتفاقية، فضلاً عن كونها قاتلت إلى جانب الجيش خلال الحرب الأخيرة، ما يجعلها ترى أن تقليص تمثيلها في الحكومة المقبلة يُعد تقليلاً من دورها ومساهمتها في حماية البلاد. في المقابل، هناك أصوات داخل مجلس السيادة السوداني تعارض بشدة هذا التمسك، معتبرة أن استحواذ الحركات على الوزارات الاقتصادية يمثّل نوعاً من الهيمنة على السلطة، مشيرين إلى أن اتفاق سلام جوبا حدّد نسبة التمثيل السياسي للحركات بواقع 25% من مقاعد الحكومة، دون أن يمنحها حقائب محددة بعينها. الخلافات لم تتوقف عند هذا الحد، بل امتدت لتشمل الأطراف المختلفة داخل مسارات اتفاق جوبا الخمسة، وهي: دارفور، المنطقتان (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، الشرق، الشمال، والوسط. النزاع يدور حول كيفية توزيع الحصص بين هذه المسارات، بالإضافة إلى تباينات في تفسير بنود الاتفاق، مما يزيد من تعقيد المشهد السياسي. ويواجه رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس تحديات أخرى تتعلق بضرورة تحقيق التوازن الجغرافي في حكومته الجديدة، حيث يتوجب عليه اختيار وزراء يمثلون جميع أقاليم السودان بشكل عادل ومتوازن، إلى جانب أهمية ضمان تمثيل النساء بشكل كافٍ في مختلف المناصب الوزارية، كما يتعين على إدريس الالتزام بتشكيل حكومة من الكفاءات المستقلة، دون أن تضم عناصر تنتمي إلى تيارات سياسية محددة، وهو ما يُنظر إليه كعنصر أساسي لإنجاح الحكومة وتجنب الخلافات الحزبية التي قد تعيق عملها. ورغم هذه العقبات، يبقى الأمل حاضراً لدى السودانيين بأن تسهم الحكومة المقبلة في تخفيف معاناتهم المستمرة جراء الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالبلاد منذ سنوات. التعيين الأخير لكامل إدريس قوبل بترحيب دولي واسع، حيث أكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن هذه الخطوة تمثل تطوراً إيجابياً على طريق الانتقال المدني في السودان. وتبدو المرحلة المقبلة حاسمة في تشكيل مستقبل السودان السياسي، حيث ينتظر السودانيون أن تشكل الحكومة القادمة نقطة انطلاق نحو استقرار حقيقي يعيد الثقة في مؤسسات الدولة ويفتح الباب أمام معالجة الأزمات المتفاقمة.