شاهدت خبراً في منصة (إكس) ينقل محاكمة في إحدى الدول العربية، وأم وأب يدافعان عن ابنهما الذي قتل ابنتهما- أي أخته؛ لأنها كما ذكرت الأم بلهجتها (فلتانة) وهو أراد تأديبها فقتلها دون قصد!! الشاهد في هذا الموقف هو اعتقاد البعض أن الأخ من حقه أن يؤدب أخته، حتى لو كان عنيفاً وهمجياً معها، فهذا طبيعي فهي شرفه وعرضه. للأسف معتقد بعيد كل البعد عن التربية الدينية الصحيحة؛ فالإسلام رتب العلاقات الأسرية ونظمها وجعل من أهم أسسها الرفق والمعاملة الحسنة، فأين ذلك من شاب متهور ظالم يصل بأخته لحد القتل، بناءً على كلام سمعه هنا وهناك!! عجباً لبعض العقول التي قرأت أو لم تقرأ سورة النور، وكيف أن اتهام الأعراض أصعب ما يرتكبه المرء، وكيف أن التثبت فيها في حد ذاته دقيق وصعب مع الغرباء؛ فكيف مع المقربين. تستوقفني دائماً، وكم هي مرعبة آيات الشك، واتهام الزوج لزوجته في شرفها. قال تعالى(وَالذين يرمون أَزواجهم ولم يكن لهم شهداء إِلا أَنفسهم فَشهَادةُ أَحدهم أَربع شهادات بِاللَّه إِنه لمن الصادقِين (6) وَالْخامسة أَن لَعْنت اللَّه عليه إِن كان من الكاذبِين (7) وَيدرأُ عنها الْعذاب أَن تشْهَد أَربع شهادات بِاللّه إِنّه لمِن الْكاذِبين (8) وَالخامسة أَن غضب اللَّه عليها إِن كَان من الصادِقِين (9) وَلولَا فضل اللَّه عليكم وَرحمته وأَن اللَّهَ توّاب حكيم (10). تخيلوا تدخل الزوجة في لعنة الله، ويدخل الزوج في غضب الله؛ إن كذب أحدهما !!! هذا هو الإسلام؛ فالشرف والعرض أمور أصعب من الصعوبة ذاتها، وأخوف من الخوف نفسه التنطع بها، ورميها جزافاً على الناس إفك كبير لا يغتفر!! ثم انظروا إلى قدوة المسلمين ورسولهم العظيم كيف تريث وصبر ودقق؛ فيما اتهمت به السيدة عائشة- رضي الله عنها- وهي حبيبته وموضع ثقته، تكدرت نفسه بما قيل، لكنه لم يحكم عليها- عليه أفضل الصلاة والسلام- حتى نزلت براءتها من الله. كم من مظلومة في شرفها راحت ضحية قيل وقال، واتهامات باطلة وتسرع أهوج من بعض آباء وإخوان وأزواج. كم من بيوت تهدمت، وأطفال ضاعوا؛ بسبب شكوك لم يتم التثبت منها!! كيف لبعض الأهل أن يطلقوا العنان لابن يتحكم في أخواته، ويسيئ معاملتهن، وهو بحاجة لمن يعيد تربيته وضبطه وتهذيبه!! لأن الرجل الحقيقي يقف سنداً لأخواته وزوجته. الرجل الحقيقي يعرف كيف يحكّم عقله وقلبه ويضبط تصرفاته. الرجل بمعنى الكلمة يتقي الله في نفسه وأهله. قال رسول الله- عليه الصلاة والسلام:( خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي). أيها الآباء والأمهات.. ربوا أبناءكم وبناتكم على تقوى الله في السر والعلن، وعلى الاحترام والآداب والأصول. علموهم أن الأخوة شيء عظيم وخسارتها جسيمة. علموهم أن الأخ سند لأخته وليس سلطة عليها. علموهم أن الزواج ميثاق عظيم، وأن الزوجة أمانة؛ فليعاملها كما قال الله: (إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان)، وكما قال الرسول- صلى الله عليه وسلم: (إن أحبها أكرمها وإن كرهها لم يهنها) ودعونا نتذكر جميعاً أن التربية مسؤولية عظيمة، وأن الأبناء أمانة، وأن سلوكياتهم تمثلنا، ونحن مسؤولون عنها. ودمتم.(اللهم زد بلادي عزاً ومجداً وزدني بها عشقاً وفخراً).