يزخر القرآن الحكيم بآيات الحوار مع جميع أصناف البشر ولكن نحن هنا بصدد الحوار مع المرأة بشكل خاص وكيف تناولها القرآن الكريم ونبدأ من سورة آل عمران والحوار مع مريم عن طريق الوحي والروح الأمين وهذا الخطاب القرآني في المحاورة إشارة ربانية لكي نعلم ونتعلم منه الحوار مع المرأة بشكل عام وخاصة عندما تولد مولودة لدى أحدهم يعلمنا القرآن كيف نستقبلها ونفرح بقدومها ويعلمنا أيضاً كيفية التسابق على رعايتها من قبل أفراد الأسرة ونحن الآن في هذا الزمان أحوج ما نكون إلى الحوار أفراداً وأسر وجماعات ومجتمعاً لأن الحوار هو اللغة الحضارية وهو أيضاً لغة القرآن الكريم حتى لمن ادعى الربوبية (فرعون) أمر الله نبيه بأن يحاوره وبل وأمر سيدنا موسى وأخيه هارون عليهما السلام بأن يقولا له قولاً ليناً أثناء المحاورة . ، وإن الله أمرنا بأن نتبع ماجاء بالقرآن تتبع تطبيق فقال : ( فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) . ونعود إلى قصة مريم وكيف كان القوم يتسابقون على كفالتها ورعايتها فيقول : ( … وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ..) عجباً والله يختصمون لرعاية البنت ؟ كل واحد منهم يريد هذا الشرف فأين نحن الآن من هذه التعاليم الراقية القرآنية ؟ من كانت عنده ابنة واحدة أو اثنتان يتذمر من مصاريفهما ومن أعبائهما وكأنهما سُبَّة عليه وهذا ليس للعموم ولكن موجود وبشكل واسع والأمثلة الأخرى بالقرآن الكريم كثيرة جداً منها الوحي إلى أم موسى وكذلك سورة المجادلة وسارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما حاورها الملائكة كل هذه الآيات إشارة ودلالة واضحة على حسن ورعاية الخالق جلّ جلاله للبنات وقد وضعها في خاتم الكتب السماوية للبشرية جمعاء دروساً وأمثلة حتى يتعلم منها البشر أهمية الحوار وقيمته الأخلاقية والحضارية ممارسة وتطبيقاً فهو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف الحقائق بعيداً عن الممارسات الخاطئة الأخرى من الضرب أو الإهانة أو التعذيب وقد يصل البعض إلى القتل . وقد يقول قائل أو يعترض معارض لقولي هذا : بأنه في غالب الأحوال لاينفع الحوار بل الأساليب الأخرى ..فنقوله له : إذا نشأت البنت على أسلوب الحوار والاحترام فإنها سوف تكون هي مدرسة للحوار ولكن من يقوم برعايتها إذا أنشأها على الأساليب الأخرى التي ذكرناها فحتماً سوف تشذ عن القاعدة … ونقول : بأن الذي يمتثل لأوامر الله تعالى في رعاية البنات خصوصاً والمرأة عموماً رعاية صالحة كريمة فإنه يكون عضواً في مجتمع يسوده الرقي والحوار والتحضر . ووجدت إشارة عظيمة أخرى واضحة المعالم أيضا من خلال سرد تبرئة السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في حادثة الإفك آيات تتلى إلى قيام الساعة لتأديب وقطع لسان كل من يخوض في أعراض المرأة بشكل عام .. ولم يتوقف القرآن الكريم من طرح العبر والدروس في معالجة ما يصدر من أفعال شنيعة بحق المرأة في المجتمعات البشرية من أخطاء أخلاقية أو سلوكيات عدوانية ضد المرأة وكل هذه العبر ذكرها القرآن الكريم لترسيخ مبدأ الحوار الحسن باستخدام الأساليب العقلية والعاطفية والوجدانية ليتمكن المجتمع من المضي قدماً في مسيرة البناء والنماء والإفادة من أعظم الموارد البشرية طاقة وعدة وعدداً وهي المرأة .