بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وسلم لقد هل علينا شهر منفرد في كل شيء مميز حتى في أجوائه.هذا الشهر الكريم أراد الله تعالى منا فيه أن نتجرد عن علائق الدنيا من مأكل ومشرب ومنكح . والحكمة من هذا أن الإنسان مؤلف من جسد وهذا الجسد يحتاج إلى غذاء ولا يعيش إلا به فبه تستمر الحياة وأيضاً مؤلف من روح وهذه الروح هي ملاك الإنسان فلو خرجت من الجسد انتهت الحياة ولا فائدة للجسد فبالروح يعيش الجسد وليس بكثرة واستمرار الطعام والشراب ويعلمنا الله تعالى التوازن بين الجسد والروح ولا يتم هذا التوازن إلا بتقنين غذاء الجسد لكي تحيا الروح وتنشط وتقوى أيضاً وغذاء الروح هو تسبيح بارئها وخالقها وعندما يكون الجسد مثقل بالغذاء فلا مجال للروح من الظهور والسيطرة فثقل الجسد أمسك بالروح وكتم عليها لذلك شرع الله لنا شهر رمضان للتخفيف من عبء الغذاء وعبء الجسد على الروح لكي نعرف أنفسنا وكما أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم :" من عرف نفسه عرف ربه" ولا تتم معرفة الخالق إلا بمعرفة المخلوق ولا نستطيع أن نعرف أنفسنا بدون قوة الروح . وقد اعتاد الناس أن يصوموا نهار رمضان وإذا جاء موعد الفطور فتحوا باب المعدة ولم يغلقوها للفجر وقت الإمساك فهذا لا يعطي الحكمة من الصيام ولن يساعد الروح على التجلي والظهور بل يكتم عليها أكثر وينتهي شهر رمضان ونحن لم نستفيد من دروسه العظيمة : الإحساس بالجوع يذكرنا بضعفنا ولكن قوة الإرادة لدى الإنسان وبمقدار حبه لله يستنتج الحكم من الجوع فكم من الناس من هو جائع طوال السنة. قراءة القرآن والبطولة ليست في ختمه مرة أو مرتين أو ثلاثة بل في تدبره والوقوف على آياته فهو خطاب الرحمن للإنسان وهو يخاطبنا فيقول مثلاً : ( يا أيها الإنسان ما غرّك بربك الكريم ) هذه الآية سؤال موجه إلى كل إنسان فهل نعرف الإجابة عليه بل كيف نجيب على هذا السؤال ؟ وكل واحد منا له إجابة مختلفة عن الآخر …فأجاب الحق جل جلاله رداً على من لايستطيع الإجابة فقال : ( ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين ..) هذه بعض من نعم الله علينا تستوجب الشكر وكثير منا لايلقي لها بالاً نعم الحواس وسلامتها عندما يتفكر الإنسان في نعم الله عليه لا يستطيع فعلاً تعدادها. رمضان شهر مراجعة للنعم ولكل علاقة تربط الإنسان بربه وتربط المسلم بمجتمعه وتربط أي منا بأسرته دروس رمضان لا تنتهي .. نسأل الله تعالى أن يبلغنا رمضان وأن يجعلنا ممن فهم عن الله مراده في الحكمة من صيامه وقيامه.