أن تتابع قضية منذ أكثر من اربعة عقود وتتقصى ابعادها ، و مع كل ذلك يصبح ما تحذر منه واقعا أليما ، يدل على خلل إداري في أكثر من جهة ، وأنه لا دراسات جادة ولا إستشراف إيجابي بل لا حسيب ولا رقيب ، ففي عدد يوم : 13 شعبان 1436ه من هذه الصحيفة كتبت عبر زاوية "في وضح النهار" مقالا تحت عنوان (مياه بيشة وأجندة محافظها الجديد) مرحباً فيه بمحافظ بيشة حيث كانت آنذاك بيشة تحتفي بمقدم محافظها الجديد سعادة الأستاذ محمد بن سعيد سبره والذي كان اول تصريح له على بوابة المحافظ ( يعد الإعلام والإتصال وسيلة مهمة في إيصال الرسالة والصوت واستقبال الطلبات والتواصل مع الجميع لا سيما وأن الإعلام تطور في العصر الحديث ) لذلك استبشر الاهالي خيرا بمقدم محافظهم الجديد وتسنمه هرم محافظة ثاني امارة تؤسس بالمملكة (1336)ه. وأنا من فرط التفاؤل كنت أرى المحافظة يومها انها على مشارف عهد جديد يعيد لها وهجها ويرفع عنها اضرار البيئة نتيجة اخطاء إدارية مفجعة وكذلك نقص المياه والتي تعد من المخاطر المحيطة بها بل والتي توغلت في كل بيت، وكنت مستشهدا على ان المحافظ الجديد والتي تدل سيرته العلمية والعملية أنه ذلك الفارس هو الذي كانت بيشة تخطب جهوده وفكره ، سيما وأنني قد تشرفت شخصيا بحمل هموم هذه المحافظة العزيزة على قلبي منذ اربعة عقود حيث مما تناولته مؤشرات أزمة قادمة للمياه بمحافظة بيشة واشرت مرارا باختصار للوقت وخضوع للمساحة المتاحة إلى شيء من تلك الاطروحات،حيث قبل (41) عاما وعبر صحيفة عكاظ كنت قد كتبت مقالا عن حاجة بيشة لسدود كبيرة لحفظ هذه الثروة الكبيرة من المياه ، وقبل 25 عاما وبصحيفة البلاد كتبت مقالا آخر تحت عنوان ( في بيشة النخيل تموت واقفة ) العدد 10274 في 19-2-1413ه ه ثم مقالا آخر بصحيفة اليمامة بالعدد 1453 26-12-1417 ه ثم مقالا آخر بالاقتصادية بالعدد 1316 26 مارس1997م ولا ابالغ إذ ذكرت وأقسمت وانا شاهد عيان أن أهالي بيشة كانوا يشربون عام 1409ه من المياه التي تدعي وزارة المياه أنها نقية ، وهي تموج بأنواع شتى من الحشرات وبالذات (ديدان حمراء) تشاهد بالعين المجردة ،وقد كتبت يومها مقالا ناشدت فيه معالي وزير المياه الذي كان يومها قد وصل لمحافظة بيشة وتفقد محطة التنقية وسد الملك فهد والتقى بالمواطنين وشيوخ القبائل والأعيان ، ووعد الأهالي بثلاث حلول للأزمة منها جلب المياه من خميس مشيط بالصهاريج و سحب المياه من "متكون الوجيد" او إيصال المياه المحلاة من سبت العلايا . وقلت يومها أن الحلول المشار اليها حلول بنيت على استعجال ، فنقل المياه من الخميس بالصهاريج له من السلبيات الكثير وكم سيكون سعر الصهريج بعد مسافة أكثر من (250) كم ؟، ثم الأهم أن الطريق سيكون بعد أشهر غير صالح للاستعمال ، أما سحب المياه من الوجيد فلا أدري مامدى الدراسة وما هو المخزون وكم نسبة تغطية الاحتياج؟ والآن مضت 9 سنوات عن تلك الوعود.وليت الأمر بقي على حاجة الاهالي للمياه . بل تم تحويل مصدر شربهم الوحيد (سد الملك فهد) إلى خزن مياه الصرف الصحي القادم من عسير لينطبق حال أهالي بيشة مع وزارة المياه قول الشاعر. والمستجير بعمر عن كربته .. كالمستجير من الرمضاء بالنار .. هذا وبعد عشرة أشهر من مناشدة سعادة محافظ بيشة الجديد يومها ماذا عسى بقي من كلام ، فبعد أن استبشرنا خيرا بزيارة سمو الأمير منصور بن محمد بن سعد بن عبدالرحمن آل سعود وكيل وزارة الداخلية لشؤون المناطق لمحافظة بيشة والوقوف على عين الحدث بنفسه ،حفظه الله، في عهد المحافظ السابق وصدور توجيهاته السديدة بإنصاف الأهالي وذلك بإيقاف تدفق مياه الصرف الصحي من عسير لسد الملك فهد ، وكذلك الأمر بسرعة جلب مياة الشرب لبيشة ، نجدنا اليوم وبكل مرارة وأسف نعود إلى اسوأ مما كان ، حيث عاد ضخ مياة الصرف الصحي لسد الملك فهد الذي توقف مؤقتا كما لم يتم شيء بخصوص تأمين مياه الشرب ، حيث تناولت وسائل الإعلام مؤخرا : أن كارثة ازمة مياة ضربت اطنابها خلال الأسابيع الماضية في محافظة بيشة وقد طالب عدد من الأهالي فرع المياه في بيشة بإيجاد حلول بديلة ، فماذا عسى ينتظرون ؟! بالأمس عندما حدث تلوث خفيف في احد احياء الرياض تحركت شركة المياه والوزارة ولم تهدأ حتى عالجت الوضع وفي بيشة تقوم بضخ مياه صرف عسير إلى مصدر شرب أهالي بيشة الواحيد من خمس سنوات دون إكتراث له تخفف من هذه الأزمة. هذا بإختصار حال أهالي بيشة مع محافظة لا زال دورها يتوقف عند مهام (ساعي بريد) صادر ووارد وإمارة يظهر أن بيشة مغيبة عن خارطتها لأسباب أيضاً هي الأخرى مدهشة حسب وصف مدير المياة ببيشة لإحدى وسائل الإعلام . هذا وبالله التوفيق. جدة ص ب 8894 تويتر saleh1958