✒ وقف الكثيرون حائرين أمام هذه الكلمة( الحب) و ضعف أمامها الكثير، وتغنى بها الأكثر، و تنازل بسببها غيرهم، و ظهرت حقائق أناس لم تكن تظهر؛ لولا أن سبق لظهورها الحب، لماذا يا ترى هذا الطوفان الجارف من المشاعر، والتنازلات؟ و هل تستحق هذه الكلمة الثلاثية الأحرف ( حُبّ)أن تحدث تلك الضجة؟؟ أم أن من وقف أمامها و حمل معناها في قلبه أصبح أعمى؛ فماجت به في دروب الحياة؟؟ و هل بالفعل هذا هو الأثر الوحيد للحب، أم أن هناك صفحة أخرى له، و جانب أخر يسمو به من يحمل الحب؟؟ أيها القارئ : الحب من أساسيات الحياة، فاجعله في قالبه الصحيح، وتذكر دائمًا أن القلب الذي عرف الحب، لا يمكن أن يكره، لكنه قد يعتب.. و عندما يكون الحب في الله تتلاشى كل العقبات. و لن تكون ناضجًا وأنت تخلط بين الحب والكره وتربطهما بمخالفة الرأي أو موافقته.. للحب معنى عميق لا يدركه إلا من صدق. و من يدرك معنى الحب النقي يتساءل: مالذي يجبر الآخرين، على قطع حبال مودةٍ قد تنمو مع الأيام ؟؟ الحب مشوار طويل، ولا يمكن أن تقتصر عليه جمل أو كلمات، و لا حتى صفحات. إن من يعرف المعنى الحقيقي للحب لابد له أن يفرق بين أنواع الحب، أعلاها، و أدناها، ويدرك كذلك أن لا مساوة في ذلك، فبعد حب الله الأعظم، وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي حب البشر، وهنا يظهر التباين، و الاختلاف، أما أنا فحينما أتحدث عن الحب يظهر في قلبي و مخيلتي أعظم اثنين، إنهما : أمي وأبي، و أجزم أنكم مثلي.. لم ينتهي الحب هنا، إنما هناك متباينات في الحب، بحسب تباين العلاقات؛ لذا لا أحد يجزم بصحة الحب إلا أن يتذكر: ( أن يحب المرء لا يحبه إلا لله) هنا المعنى الحقيقي والنقي للحب. المنصفون مع أنفسهم ومع غيرهم، لا ينكرون الحب، لكنهم يلتمسونه، في طريق آمن، و في رضا الله.. (أن يحب المرء لا يحبه إلا لله).. و الأمر الذي قد يخفى على البعض أن الحب يوجه السلوك والتعامل؛ لذا لا ينبغي أن تتشابك خيوط أي حب و أي تعامل، فحب الوالدين يختلف عن حب الأزواج، و هذا أيضًا يختلف عن حب الإخوة و الأخوات والأبناء، والصداقات...تنظيم اجتماعي مبني على أسس شرعية، ومستند على سيرة عطرة من تأملها وجد فيها تفصيلات، رائعة، راقية للأسرة والمجتمع المسلم. ولأن أساس كل أسرة هما الزوج و الزوجة أقول لهما : لا تخلطو بين حب بينكم، و حب بر لوالديكم، وحب عطف و رحمة و تواصل لإخوتكم ، وحب تربية لأبنائكم. والحب أيًا كان نوعه و هدفه، إن لم تلازمه الرحمة، فسيكون ناقصًا، أو مبنيًا على غير أساسه. أين نحن أيها القراء من الحب الأسطوري؟ نعم، إنه الحب في موضعه، حب نبينا محمد عليه الصلاة والسلام،عندما سئل: يا رسول الله! من أحب الناس إليك؟ قال: عائشة . قيل: من الرجال؟ قال: أبوها . تصريح بالحب على الملأ؛ لأن ذلك الحب في موضعه السليم، ليس هذا فحسب؛ بل هناك حبه عليه الصلاة والسلام لخديجة و وفائه لها، و حبه لابنته فاطمة رضي الله عنها، فقد كان يستقبلها حين قدومها و يجلسها مكانه. لقد شمل حب الرسول صلى الله عليه وسلم كل من حوله، و إذا أردنا أن نبحث عن كيفية الحب الحقيقي؛ فلنقرأ سيرته العطرة، و إذا تمثلنا ما جاء فيها، هنا نقول كما قال الشاعر: ليس عارًا بأن نحب ولكن آفة الحب أن نرى الحب عارا أخيرًا.. لست فقيهًا، لكن..تقبلوا مني هذا الموقف، و هذه الفتوى : ذات يوم ، ومع جرس نهاية الحصة، سألتني إحدى طالبات المرحلة المتوسطة، _ و هي من قلائل الجنسيات التي درّستُها_ وبكل براءة : ( أستاذة، الحب حرام؟) توقفت أمام هذا السؤال، وأنا أنظر لابتسامتها الطفولية، و عدت ثانية إلى الفصل، لتبدأ أطول، و أقصر حصة في ذات الوقت، عن الحب.. سألت الجميع نفس السؤال: ( هل الحب حرام) وكان الفصل يحوي جميع الجنسيات التي لا تخطر على بالك أيها القارئ الكريم ، و ما بين مترددة ، و مبتسمة، و خجلى، قلن بصوت واحد : لا... قلت: لماذا يخجل منه البعض؟ هنا صمت الجميع..! و لأن الوقت يداهمني، وقت إنصات الجميع قلت: أعظم حب( هو حب الله تعالى) ثم ( حب الرسول صلى الله عليه وسلم) ثم ( حب الوالدين) بعدها يا عزيزتي : حبي من شئتِ في حدود ما شرع الله.. فلنكن كذلك.