توفي، السبت الماضي، الشيخ صلاح الدين قصاب، أبرز معلمي تحفيظ القرآن الكريم بمحافظة القريات، وسكرتير المدير التنفيذي لجمعية تحفيظ القرآن الكريم بالقريات لمدة تزيد على 15 سنة؛ وذلك بعد معاناة مع المرض. وقد أُديت الصلاة على الفقيد، ظُهر يوم الأحد الماضي الموافق 28/ 12/ 1436ه، بجامع خادم الحرمين الشريفين بالقريات.
وبدأ "أبو هيثم"، الذي جاء من مدينة حمص السورية، حياته مع تحفيظ القرآن الكريم وعلومه في عام 1398ه في مدينة الرس السعودية.
وتحمل سيرته العطرة سلسلة من الأعمال والخبرات العلمية في مجال القرآن والحديث الشريف؛ منها تدريس الحديث، والأربعين النووية، وشرح ابن عقيل لألفية بن مالك، وتدريسه لفترة بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود بالقصيم، بالإضافة لمشاركات في عدد من المجالات العلمية والاجتماعية.
واختتم الفقيد حياته بمدينة القريات، بعد أن تَعَلّم على يده أجيال من طلاب وأبناء القريات على مدى أكثر من 15 عاماً قضاها في تحفيظ القرآن الكريم وتعليمه.
وقال الشيخ "سليمان بن علي بن عبدالله أبا الخيل" رئيس مجلس إدارة جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالقريات سابقاً ورئيس محكمة القريات سابقاً ل"سبق": "رحل الشيخ الوقور والرجل الصالح الصبور أبو هيثم صلاح الدين قصاب؛ فقد غادر الدنيا وودعها بعد معاناة مع المرض الذي نزل به؛ فصبر واحتسب حتى ودّع الدنيا، ونرجو له بصبره وتسليمه ورضاه عن مولاه أعظم الجزاء والثواب؛ فقد ثبت في الحديث: (ولا يزال البلاء بالمؤمن حتى يمشي على الأرض وليس عليه خطيئة).
وأضاف: "كان آخر شيء في حياته قوله: "أشهد ألا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، وبعدها فاضت روحه رحمه الله رحمة واسعة، وجعله في عليين، وإن فقد الصالحين من ديارنا وغيابهم من دنيانا وذهابهم ورحيلهم عنا هو نقص في أرضنا، وثُلمة في قلوبنا وحياتنا بذهاب خيرهم وبركتهم، كما قال أيوب السختياني فيما أخرجه اللالكائي عنه قال: "إني أخبر بموت الرجل من أهل السنة؛ فكأني أفقد بعض أعضائي".
وقال "أبا الخيل": "لقد أمضى حياته في المعاهد العلمية ما بين معهد الرس ومعهد القريات، ورأينا بأعيننا أخلاق العالِم وصفات المربّي بمعانيها، نقرأها في صفحات نادرة من حياته وتعامله؛ فمنذ تعرّفت عليه قبل ستة عشر عاماً في القريات وأنا وإخوتي كنا نعجب من بذله وعطائه وتعليمه وتضحيته، بروح تتوقد إخلاصاً وحباً ونصحاً في خدمة كتاب الله تعالى".
وأضاف: "بعدما بلغ السبعين من العمر واشتد مرضه، كان آية عجيبة في عمله في جميعة تحفيظ القرآن وهو يتحامل على نفسه بحضوره كل يوم في حالة مذهلة في البذل والعطاء الكبير في خدمة القرآن الكريم وأهله، بنفس طيبة، وصبر جميل، وخفاء وإخلاص".
وأردف: حين نطلب راحته تُجيبنا أفعاله وتحكي لنا حاله تقول: "سعادتي وراحتي وحياتي في خدمة كتاب ربي ما بقيت أنفاسي تتردد..".
وتابع: "كان الفقيد يتوجع لوجع المسلمين ويفرح لفرحهم ويعيش قضيتهم وأوضاعهم، وكانت معاناة أهلنا في الشام حسرة في قلبه وألماً يتجرعه كل يوم، وإن كان لا يُبدي لنا لئلا يُكَدّرنا؛ فإذا سألناه أجاب بلوعة ومرارة، وعلم وبصيرة، وثقة وتفاؤل، في كلمات عميقة الدلالة، وذكريات مليئة بالعبر".