تتحول أنظمة أي وزارة إلى أنظمة مسؤولة حيال ما تنتجه الشركات الخاصة من أضرار بالمواطنين، وإذا تعنت شركة ضد موظفيها فهناك بنود قانونية تحيل بين التعنت والظلم وتكون مهمة مكتب العمل الوقوف لنصرة المظلوم. هذه البديهية لا تجد واقعا تنفيذيا لنصرة 5000 موظف تم تسريحهم من قبل شركة مقاولات ضخمة، وتسريح هؤلاء الموظفين من أعمالهم هي الواجهة التي اتخذتها الشركة للضغط في أماكن أخرى بعد توقف أنشطتها في المقاولات الرسمية بدءا من سرعة جدولة مستحقاتها الحكومية، وهذا الأمر يرتبط بتحديد مدى التزامها بسداد القروض للبنوك المحلية.. وربما كان تسريح 5000 موظف كأداة لاسترجاع مميزات سابقة وفي نفس الوقت يمكن تعطيل كثير من المشاريع الضخمة الموكلة إليها بحجة عدم استلامها لمستحقاتها من الدولة. وعندما قامت هذه الشركة بتسريح هذا العدد الضخم من موظفيها استعارت الحجة الاقتصادية الأقرب للمفاهيم الاقتصادية بأن الشركة تمر بظرف قاهر مما حملها إلى الاستغناء عن كثير موظفيها في سياق ترشيد التكاليف. الآن، أصبحت مشكلة 5000 موظف عنوانا لتعطيل حياة 5000 أسرة ولو كانت كل أسرة مكونة من ثلاثة أشخاص فقط فهذا يعني تعطيل حياة 15000 فرد.. وبغض النظر عن زيادة هذا العدد أو انخفاضه فالمشكلة القائمة وهي حرمان موظفين من الحياة الكريمة وتحويلهم إلى أنفس غير مستقرة بسبب فقدان وظائفهم، وبالتالي فقدان الأمان المعيشي. وبغض النظر عما حدث كعقوبة على الشركة لعدم توفر وسائل السلامة في عملها فلا يجب أن تحول تلك الشركة العقوبة الواقعة عليها كعقوبة على موظفيها.. هذا بدءا.. ثم ماذا عن المشاريع الضخمة التي هي ضمن مهام تلك الشركة هل سيتم تعثرها؟ ليتم تحويل العقوبة على المواطنين أيضا المنتظرين لانتهاء تلك المشاريع. وكذلك تحول العقوبة أيضا على البنوك المحلية.. ومهما كانت أوضاع الشركة وبحثها عن الوسائل التي بواسطتها تحاول الضغط لاسترجاع مميزاتها والاستئثار بما كانت عليه من يد طولى في المشاريع الحكومية فإن موظفيها ليس لهم علاقة بكل ذلك، وإن لم تكن الشركة على وعي بذلك فلا بد على أنظمة المراقبة وحقوق جهة العمل أن تستنهض وتفعل القوانين لحماية هؤلاء الموظفين المسرحين من وظائفهم. فالقضية هي أرزاق أناس ليس لهم أدنى مسؤولية مما حدث ويحدث من الشركة بتحميلهم عقوبتها الخاصة.