يقولون إن الموسيقى علمت الإنسان أن يرى يسمعه، وأن يسمع بقلبه. والمقصود هنا أن الموسيقى توسع آفاق الإنسان ومداركه ، و تعتبر الموسيقى بهذا تجربة ذاتية وانسانية معبرة عن حقائق غير التي يراها الانسان. وقد وصف جبران الموسيقى بأنها جسم من الحشاشة له روح من النفس وعقل من القلب. شغلت الموسيقى الأمم القديمة والمدنيات الحديثة، وكان لها حضورا بارزا في كل الحضارات حيث اختلطت قديماً بالدين والأساطير، وكانت الموسيقى رفيقة الراعي في وحدته، والراهب في صومعته، و حادي العيس في قافلته، و ظلت إلى اليوم دليلاً على محبة الإنسان للجمال، وارتبطت بالاحتفالات والأعياد كما تجدها في الحروب لإذكاء الحماس أمام الجند. وموسيقى الشعوب القديمة برمتها بلا استسناء بما في ذلك شعوب استراليا الأصليون – على سبيل المثال- وموسيقاهم اللاموسيقية والتي هي عبارة عن أصوات احتكاكية وخشخشة ابوريجنالية تطرب الأذن والتي لا تختلف عن الموسيقى الكونكريتية التي كانت صيحة في تلك الأيام . إن للموسيقى قوة مؤثرة سواء بحثنا عنها أو اعتبرنا أنفسنا موسيقيين فإن الميل للموسيقى جلي ومحوري في كل ثقافة حتى أن البشر عامة يعتبرون نوعا ( من الأحياء ) موسيقيا بقدر ماعم نوع لغوي. إن التاثر بالموسيقى ليس سمعيا وعاطفيا، بل هو حركي أيضا. تعكس وجوهنا ووضعيتنا حكاية اللحن والأفكار والمشاعر التي يستحثها. كما أن معظم ما يتم سماعه خلال السنوات المبكرة للإنسان قد ينقش في الدماغ ويبقى 0 ويقال إن الألحان المسموعة عذبة، ولكن الأعذب منها تلك غير المسموعة كما قالت قصيدة جون كيتس غنائية على جرة إغريقية والغريب بل المستغرب أن الباحث JOHN Taverner صاحب كتاب – موسيقى الصمت المولود في 1944، يدعو إلى إلغاء موسيقى الغرب برمتها منذ ما بعد التراتيل الكنسية الغريغوريانية إلى اليوم بكل الإنجازات والإبداعات وكل البنى الي ابتكرها الإنسان، والعودة إلى "التقاليد "، أو ما يقابل الموسيقى المقامية لدينا وإن كنت لا أتفق معه ولا يتفق معه الكثيرون كذلك . فالإنسانية وعلى مدى قرون تبحث عن علاقة بين الموسيقى واللون كما هو الحال بين اللون ( التشكيل ) والشعر " الأمر الذي جذبني كثيرا منذ بداية اهتمامي بالساحة التشكيلية" ولي فيه اصدار قديم بعنوان " أشواق ملونة " عن النادي الادبي في الرياض واصدار آخر تحت الطبع " غصن في رأسه هلال " وفي علاقة الموسيقى باللون، قال نيوتن إن للطيف سبعة الوان متميزة تتوافق مع النغمات السبع في السلم الموسيقي. هناك الكثير من الأبحاث التي نشرت حول علاقة اللون بالموسيقى منذ بداية القرن الثامن عشر ، وقد يشعر أحدنا أن لكل حرف لونه الخاص، أو كل لون له رائحته، كما كل فاصلة موسيقية لها مذاقها ، و هذا ما يعرف بالحس المتزامن، وهذا اصطلاح عرف في نهاية القرن التاسع عشر، توصل اليه فرانسيس غالتون في كتابه ( بحوث في المقدرة البشرية وتطورها ) والحس المتزامن عنده هو ظاهرة فسيولوجية ومقدرة خاصة وفطرية للعقل .