شهدت جبهات القتال في شرق أوكرانيا خلال الأيام الماضية تحركات عسكرية متسارعة، حيث حققت القوات الروسية تقدماً ملحوظاً في منطقة دونيتسك؛ إذ تمكنت من التقدم حوالي 10 كيلومترات خلال يومين فقط، وفقاً لما كشفته مدونة "ديب ستيت" الأوكرانية المرتبطة بالجيش الأوكراني. يأتي هذا التقدم في جزء ضيق وحيوي من خط الجبهة، لكنه يحمل أهمية استراتيجية كبيرة. وأكد الجيش الأوكراني، أن المعارك العنيفة لا تزال مستمرة في محيط قرية كوشيريف يار، حيث تحاول القوات الروسية توسيع سيطرتها على الممرات، التي تربط بين مناطق سكنية مهمة في إقليم دونيتسك. ويشكل هذا التقدم تهديداً مباشراً لبلدات مثل دوبروبيليا التي تعاني من نزوح مدنيين متكرر؛ بسبب الاستهداف المتواصل من الطائرات المسيّرة الروسية، إضافة إلى بلدة كوستيانتينيفكا، التي تُعتبر من آخر المناطق الحضرية الكبيرة الخاضعة للسيطرة الأوكرانية في المنطقة. في الوقت ذاته، أعلن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن روسيا ليست معنية بإنهاء الحرب، بل تستعد لتنفيذ هجمات جديدة على الأراضي الأوكرانية، في موقف يعكس تصعيداً واضحاً على الأرض، ويثير مخاوف من استمرار النزاع لفترة أطول. تأتي هذه التطورات العسكرية في ظل تحضيرات لقمة مرتقبة تُعقد يوم الجمعة المقبل بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ونظيره الأمريكي دونالد ترمب في ولاية ألاسكا الأميركية. وفي تصريح له، قال ترمب: إن هدف هذه القمة يتمثل في "جس نبض" بوتين لمعرفة مواقفه وأفكاره بشأن إمكانية إنهاء الحرب في أوكرانيا. من ناحية أخرى، عبّر قادة دول الاتحاد الأوروبي عن موقف داعم لأوكرانيا، مؤكدين في إعلان رسمي على حق الشعب الأوكراني في تقرير مصيره بحرية كاملة، مشددين على أن "الطريق إلى السلام لا يمكن أن يُقرر بدون أوكرانيا". وشددوا على ضرورة أن تتم أي مفاوضات جوهرية فقط في ظل وقف حقيقي لإطلاق النار أو خفض الأعمال القتالية، معبرين عن قلقهم من أن تسويات قد تفرض على أوكرانيا دون أخذ موقفها في الاعتبار. كما أكّد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، ونظيره الكندي مارك كارني أهمية التعاون مع كييف في بناء أي اتفاق سلام مستقبلي، معبرين عن رفضهما لأي حلول تُفرض على أوكرانيا بالقوة، ومؤكدين ضرورة احترام سيادة وحرية تقرير مصير الشعب الأوكراني. هذه المواقف الدولية تتزامن مع توتر متصاعد على الأرض، حيث تعاني أوكرانيا من الضغوط العسكرية المتزايدة من قبل القوات الروسية، التي تسعى لتعزيز سيطرتها على المناطق، التي أعلنت روسيا ضمها رسمياً رغم استمرار العمليات العسكرية هناك. في المجمل، يبدو أن القمة الأمريكية الروسية المقبلة ستكون حاسمة؛ إذ تحمل آمالاً بفتح نافذة دبلوماسية لإنهاء النزاع، لكنها تأتي في ظل واقع ميداني متأزم يصعب معه التنبؤ بنتائج ملموسة على الأرض في القريب العاجل.