يظل الاستثمار الأجنبي واحدا من أهم الأدوات الاقتصادية الداعمة للدول النامية، وتكون تلك الأدوات في تمامها عندما تتسق الميزات النسبية للدولة مع نوعية الاستثمار المقام على أراضيها؛ غير أن هناك حالات عكسية أثبتت الأرقام فيها - بحسب تقارير - أن التكوين الرأسمالي لاستثمارات بعض الدول النامية الخارجية أعلى قياسا بنظيراتها المتقدمة ما يجعل من هذا النزوح مثار جدل اقتصادي. وبغض النظر عن هذا التباين؛ فقد أثبتت التجارب في الكثير من الدول النامية التي استطاعت النهوض باقتصادها أن الاستثمار الأجنبي المباشر كان له دور في تعزيز القوة الاقتصادية؛ ليسفر عنها دخول شركات من اقتصادات ناشئة ضمن قائمة أفضل 100 شركة رائدة في العالم. ويرى اقتصاديون أن ضرورة الاستثمار الأجنبي تحتاج إلى أن يوازيها تسهيلات تقدم من قبل الاقتصادات الكبرى حتى لا تتسرب الاستثمارات إلى دول مجاورة أو إلى مناطق بعيدة مسببة مزيدا من الضغوط على الاقتصاد النامي، وهذا ما يتطلعون إليه في قمة العشرين. تغطية الفراغات وفي هذا الإطار أكد نائب رئيس اللجنة الوطنية للمكاتب الاستشارية حمزة عون على أهمية أن تركز الدول النامية على تفعيل الاستثمار الأجنبي الذي تستطيع اجتذابده بإمكاناتها وميزاتها النسبية كضرورة يمكن من خلالها معالجة العديد من أمور التنمية الشاملة المساعدة على تحقيق إصلاح متكامل أو ما يساعدها على تغطية فراغات اقتصادية لا يمكن سدها إلا من خلال هذه الاستثمارات؛ مشيرا إلى أهمية الاستفادة من التجارب الدولية لمعالجة التباينات المرتبطة بالنواحي السياسية والثقافية والجغرافية. وأضاف: لا بد للاستثمارات الداخلة للسوق المحلي أن تكون مناسبة للقدرات الاقتصادية للدولة النامية لأن غياب المواءمة قد يكلف خسائر كبيرة على المدى المتوسط ويتسبب في رحيل تلك الاستثمارات كما حدث للعديد من الشركات العالمية الكبرى في عدة دول آسيوية وإفريقية. وزاد في هذا الجانب بقوله: يجب أن يكون الحافز المقدم للاستثمار الأجنبي قادرا على تحقيق الفوائد لتلافي مخاطر الانزلاق في هدر المال العام مع إيجاد حلول بديلة تضمن بقاء الاستثمار عندما يفقد ذلك الحافز أهميته أو يستنفد أهدافه أو يجد ما هو أفضل منه في دولة أخرى وهنا تقع المسؤولية على صناع الاقتصاد في تلك الدول. وأشار إلى أن الدول النامية تواجه منافسة قوية في هذا المضمار؛ مضيفا: في الوقت الذي تلجأ فيه تلك الدول إلى خفض الضرائب نجد أن هناك دولا ذات اقتصادات أقوى تعمد إلى استخدام ما يعرف ب «الهبة المباشرة» في ظل وجود قائمة من التفضيلات مثل ما تقدمة أمريكا لدول حوض البحر الكاريبي، وقانونها الخاص بالنمو في إفريقيا؛ لذلك تحتاج الدولة النامية إلى استغلال ميزاتها النسبية حتى تزيد من جاذبيتها. عون الذي يشغل منصب رئيس لجنة المكاتب الاستشارية في غرفة تجارة وصناعة جدة أشار إلى أن حجم النتائج الإيجابية المتحققة للدولة المضيفة للاستثمار بات مرهونا بقدرتها على تعزيز إمكاناتها المحلية، معللا ذلك بأنه أحد الأسباب التي تؤدي إلى استقطاب تنمية المقدرة المحلية وتطوير الموارد والأصول، وقال: هناك دول استطاعت إيجاد هذا التناغم فتمكنت من تحقيق التوافقات بين الاستثمار والاستراتيجية الاقتصادية المتعلقة بالنمو والتوسع في المجال الصناعي مع دعم الشركات الوطنية للدخول في الخطوط الرئيسة لهذه الاستثمارات حتى تستفيد من الخبرة في المجالات المرتبطة بالمهنة من جهة والتكنولوجيا من الجهة الأخرى. مساعدة «المتقدمة» وعن مقدرات الدولة النامية في الاستفادة من الفرص الجديدة الناشئة؛ قال أمين عام غرفة المدينةالمنورة الأسبق الدكتور لؤي الطيار: من المهم التركيز على الأمور المتعلقة بالإجراءات باعتبار أن ذلك أحد الأسس المهمة لجذب الاستثمار مع ضرورة تدخل الدول المتقدمة اقتصاديا بما يضمن تحقيق عدة أمور أبرزها تطوير مؤسسات الدولة النامية، وتقليص أو رفع الحواجز عن صادراتها لتشجيعها على تحسين ميزانها التجاري، والتجاوز إذا أمكن عن الإجراءات الحمائية. وأفاد خلال حديثه بأن الشركات تريد تحقيق مصلحتها من خلال الاستثمار في بعض الدول مضيفا: لا يجب الوقوف في وجه تلك الشركات بل لا بد من دعم مصالحها إنما الأهم هو قدرة الدولة على جذب الاستثمارات التي ستفيدها على المدى البعيد وليس من أجل تحقيق مصالح وقتية كون ذلك له ارتدادات سلبية مباشرة على اقتصاد تلك الدولة قد يصعب علاجها مستقبلا.