ما أشد الألم.. كان هذا حال سائقي الأجرة الذين يعملون في نقل الركاب من وإلى مطار الأمير محمد بن عبدالعزيز الدولي في المدينةالمنورة الذي بدأ تشغيله الأحد الماضي، فهم يشتكون من أنهم منعوا من مزاولة مهنتهم في نطاق هذا المطار الجديد، وفتح مجال الخدمة لشركات تستخدم سائقين أجانب. حدث منع هؤلاء السائقين من العمل في خدمة المطار بعد أن رأت هيئة الطيران المدني التوقف عن التعاقد مع أصحاب سيارات الأجرة في المطارات الدولية، وإسناد تلك المهمة إلى شركات متخصصة في مجال الأجرة العامة؛ بهدف تحسين مستوى خدمة نقل المسافرين والرفع من جودتها. وما فعلته هيئة الطيران لاقى ترحيبا كبيرا لدى عامة الناس، فهم كانوا يعانون من سوء خدمة النقل المتاحة، ويشتكون من أن سائقي الأجرة جشعون في أسعارهم وغير مهنيين في تعاملهم أو مظهرهم، بينما سائقو الشركة منضبطون ومهذبون في مظهرهم وسلوكهم. قد تجد هيئة الطيران في هذا حجة قوية تبرر سحبها العمل من سائقي الأجرة غير المحترفين وإسناده إلى الشركات، وهي حجة مقبولة تماما لو أن الهيئة اشترطت على الشركات التي تعاقدت معها أن يكون جميع العاملين فيها مواطنين، أما أن تسحب العمل من مواطنين ليس لهم مورد رزق غير تلك المهنة، ثم تسنده إلى شركات توظف سائقين أجانب يحتلون مقاعد المواطنين، فإن هذا أمر غير صحيح على الإطلاق! إن تطوير الخدمات لا ينبغي أن يكون على حساب الطبقة الكادحة، وإلا صرنا كمن يبني بيد ويهدم بالأخرى، ولا أظنه عذرا مقبولا القول بأن الشركة تقدم عملا منظما وجيدا، فهذا العمل الذي تقدمه الشركة إن لم يكن منفذا بأيد سعودية، فإنه يظل عملا ليس ناقصا فحسب، وإنما مسيئا للبلد؛ لأنه يقدم على أنقاض مصلحة المواطن البسيط، الذي لا يجد موردا لرزقه سوى العمل في نقل الركاب، كما لا أظنه مما يشرف المملكة أن يكون السائقون الذين يستقبلون القادمين إليها، من فئة الأجانب الذين لا يمثلون البلد ولا أهله. إن كل ما يحتاج إليه السائق المواطن هو أن يتاح له شيء من التدريب لتنمية مهاراته المهنية؛ كالتعامل المهذب، والاعتناء بالمظهر الخارجي، والتقيد بأنظمة السلامة، والالتزام بالأجرة المحددة، وكان بإمكان هيئة الطيران المدني أن تعطي لسائقي الأجرة الخيار بأن يلتحقوا بالعمل مع شركات الأجرة، وأن تلزم الشركات بتشغيلهم مع تقديم التدريب اللازم لهم.