يبدو أن قطاع المقاولات وجد عذرا له في تعطيل ما يتصدى لإنجازه من مشاريع ومن ثم خلع مسؤوليته عن هذا التعطيل وتحميلها لوزارة العمل حينا وللمواطنين حينا آخر ولبرامج السعودة في كل حين. قطاع المقاولات يرى أن سياسة الحد من الاستقدام أدت إلى عجزه عن توفير القوى العاملة التي يمكن لها أن تتولى العمل الميداني في تنفيذ المشاريع التي يتولى تنفيذها، كما أن قبوله لتوظيف سعوديين استجابة لبرامج السعودة وتجنبا للوقوع في دوائر نطاقات أدى إلى ترهل في عدد العاملين في الجانب الإداري وبروز بطالة مقنعة في هذا الجانب وذلك يعود، كما يرى المسؤولون في قطاع المقاولات، إلى رفض الشباب السعوديين للعمل الميداني واشتراطهم العمل الإداري، ولذلك تضاعفت مشكلة هذا القطاع حين اجتمع عليه تضخم عدد الموظفين إداريا وشح عدد العاملين ميدانيا. وإذا سلمنا جدلا بما يزعمه أصحاب الشركات والمؤسسات العاملة في قطاع المقاولات من رفض الشباب السعوديين للعمل الميداني فإن علينا أن نستوضح الأسباب التي تكمن وراء الرفض خاصة بعد أن برهن الشباب السعوديون على تقبلهم للعمل الميداني في كثير من القطاعات، وليس بمقدور السادة أصحاب شركات المقاولات أن ينكروا أن الذين يعملون في عز البرد والحر في حقول النفط ومعامل تكرير البترول، على سبيل المثال، هم من شباب هذا الوطن. رفض الشباب السعودي للعمل الميداني في قطاع المقاولات هو رفض للعمل في الظروف التي كانت تقبل العمالة المستقدمة أو العمالة المخالفة العمل فيها، وهي ظروف غير سليمة ولا صحيحة سواء من حيث عدد ساعات العمل ومستوى الدخل وحق التمتع بإجازات مدفوعة الأجر وما إلى ذلك من حقوق ينبغي توفيرها لمن يعمل ميدانيا، وهي الحقوق التي توفرها تلك الشركات التي لا يتردد الشباب السعوديون في العمل الميداني فيها. على أصحاب الشركات والمقاولات أن يدركوا أنهم أمام خيارين لا ثالث لهما، أولهما تثمين حقوق العمال والوفاء بها كاملة، فإن لم يفعلوا ذلك لا يصبح أمامهم إلا الخيار الثاني وهو أن يجمعوا معداتهم ويتركوا المجال مفتوحا لمن يعرف كيف يدير العمل فيه.