حسنا فعلت وزارة التجارة عندما أصدرت قرارها الأخير بربط البيع على الخارطة بالحصول على تصريح خاص منها بذلك، وذلك للحد من أي تجاوزات يمكن أن تواكب هذا النوع من البيع الذي يعتمد على المصداقية والسمعة الجيدة بالدرجة الأولى. وقبل التطرق إلى المخاوف التي تكتنف هذا النوع من البيع ينبغي القول إنه يحقق مزايا متعددة للبائع والمشتري منها توفير التمويل اللازم للمطورين العقاريين من أجل البناء ما يسهم في التشجيع على التطوير، ورخص العقار بالنسبة للمشتري بنسبة 15 إلى 20% والحصول على أفضل الخيارات المتاحة في الوحدات المطروحة على الورق. أما بالنسبة لعيوب هذا البيع فهي عديدة ومنها أنه لا يتيح للمشتري معرفة المنتج النهائي، الذي سيتم الحصول عليه على أرض الواقع رغم أن تقييم العقار لا يعتمد فقط على نوعية البناء والموقع، بل التشطيبات أيضا. ويكتنف شراء وحدات على الخارطة صعوبات في الحصول على التمويل اللازم، خاصة من البنوك وشركات التقسيط لعدم وجود المنتج على أرض الواقع. ومن المعروف أن من شروط التمويل في هذه الجهات معاينة الموقع على الطبيعة ومعرفة العمر الزمني للمبنى. ويعزز من هذه المخاوف الشكاوى المتعددة حاليا في شقق التمليك نتيجة لسوء التشطيب وبروز عيوب في البناء بعد سنوات قليلة من الانتهاء من المشروع. وفضلا عن ذلك فإن هذه المشاريع عادة ما يتأخر تنفيذها وتسليمها إلى المشتري، ما يؤدي إلى بروز مشاكل عديدة بين الطرفين قد تمتد إلى المحاكم. والواقع أن هذه المخاوف يمكن التقليل منها من خلال عدة خطوات من بينها التأكد من حافظة أعمال المطور السابقة وزيارة الموقع المقترح للمشروع لمعرفة ما إذا كانت مشروعات مماثلة للشركة قد تم تسليمها للعملاء أم لا. ومن البديهي قبل اتخاذ أي قرار بالشراء الاطلاع على وثائق إثبات الملكية وغرامات التأخير، والاستعانة بخبير لتقييم الوثائق الخاصة بالعقار . وفي اعتقادي أن القرار الذي اتخذته الوزارة لحماية حقوق المشترين في هذه المشاريع لم ينبع من فراغ وإنما جاء استنادا إلى تجربة طويلة في المساهمات العقارية المتعثرة التي ازداد عددها على 300 مساهمة بمليارات الريالات، لازالت الوزارة تبحث عن حلول جذرية لها رغم تأسيس لجنة خاصة لها. لقد أثبتت التجارب أهمية استناد التطوير العقاري إلى أسس موضوعية خاصة وأن إلزام المطورين بفتح حساب بنكي لأموال المشترين لا يصرف منه إلا على المشروع لم يعد كافيا على الاطلاق في ظل غياب العقوبات المشددة للتلاعب بحقوق المشترين وأحلامهم في الحصول على سكن العمر. * رئيس طائفة العقار في جدة.