لقد أدت الزيادة الكبيرة في كميات الأسهم المتداولة في سوق الأسهم السعودية إلى تساؤل المستثمرين عما يجري؟ ما هي أسباب كل تلك الزيادة المفاجئة؟ هل نحن متجهون نحو دورة أخرى كالتي شهدناها في العام 2006؟ هل هي مضاربة؟ غير أننا نحتاج إلى وضع قائمة بالحقائق الراهنة لكي نتمكن من الإجابة على بعض هذه الأسئلة الوجيهة. فقد كان متوسط الكمية المتداولة في العامين 2006 و2007 على التوالي 68.52 مليار ريال سعودي و57.83 مليار ريال سعودي، وهذا هو الدليل الأقوى على أننا بعيدون عن نقطة المضاربة في السوق. ومن الحقائق الأخرى أيضًا هو أن معظم الأصول لا تزال بأقل من قيمتها الحقيقية مقارنةً بجميع البيانات التاريخية، وبالمقارنة مع الأسواق الناشئة الأخرى. وفي مقارنة أداء مؤشر تداول بمؤشر الأسواق الناشئة على مدى الفترة من بداية العام 2005 ونهاية العام 2011، نلاحظ وجود فجوة كبيرة بين المؤشرين، فقد تقلص أداء مؤشر تداول-21.9%، بينما كان أداء مؤشر مورغان ستانلي للأسواق الناشئة نمى +69.02% على مدى الفترة نفسها، فهل يعتبر هذا شيئًا عاديًا؟ هل كان ينبغي أن يكون أداء سوق أسهمنا المحلية بهذا السوء، بينما في نفس الفترة كان إنفاقنا الحكومي يسجل أرقامًا قياسية غير مسبوقة؛ ويتزايد سنةً بعد سنة! هل ينبغي أن تشهد سوق الأسهم في دولة تعتبر حكومتها رائدةً في الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية مثل هذه القيم المتدنية للأصول؟ الجواب هو لا، ولكن الواقع هو أن أسواق الأسهم ليست عادلة في العالم كله، فلماذا تكون عادلةً في المملكة؟ وتملي نظريات المال الحديثة وجود عاملين للقصور في السوق: (1) القصور الحاد، وهو القصور الذي يمكن التعرف عليه بسهولة وتصعب الاستفادة منه نظرًا لطبيعته القصيرة الأجل، و(2) القصور المزمن، والذي يصعب تمييزه حيث إنه يرتبط بدرجة أكبر بجوانب هيكلية في السوق وبالعوامل النفسية للمستثمرين، ويستمر لفترة أطول. ولذلك فإن ما شاهدناه في الماضي ونشاهده اليوم، من وصول السوق إلى قصور ثم احتمال عودتها إلى حالة توازن، ثم دخولها في حالة قصور أخرى يعتبر أمرًا طبيعيًا ويشكل جزءًا من العالم الغير المثالي الذي نعيش فيه جميعًا. ومن واقع مشاهدتنا للسوق نجد أن الغالبية العظمى من المستثمرين، ومعظم الأصول بالتأكيد تسبح مع تيارات واسعة، بينما يجري البحث عن فرص للنمو أقل عرضة للتأثر على المدى القصير وأكثر ميلاً إلى الاستدامة لأجل أطول. ولكن من أجل التأكد من أن ما تمر به السوق اليوم هو مجرد جزء من دورة، تمر فيه كل سوق من أسواق العالم ولكن بوتيرة مختلفة، ونحن نعتقد جازمين أن القيمة في سوقنا كانت أقل مما يجب أن تكون عليه، وهذا الاتجاه الصعودي يعتبر أمرًا عاديًا، وما من شيء يدعو للقلق فيما يتعلق بوضعها الراهن. ومن المحتمل أن تكون هناك فرصة لتحسين الجانب التنظيمي من السوق وإضافة مزيد من المحفزات لتحسين الشفافية وعملية اتخاذ المستثمرين لقراراتهم، لأن بعض أكبر المشاكل التي نواجهها اليوم على سبيل المثال هي مسألة عدم وضوح قيم الأصول، وسوء قراءة الإشارات الصادرة عن السوق، والنقص في مديري الأصول السعوديين المتخصصين القادرين على مساعدة المستثمرين في الحصول على فهم أفضل للسوق المحلية وقوى السلوك التمويلي الدافعة لها. بالإضافة إلى ذلك فإنني أتطلع كثيرًا إلى تحقيق مزيد من التطور والتنظيم الهيكلي في السوق، مثل إضافة فئات موجودات أخرى، وليس أن نكون محدودين بالأسهم فقط. وقد تم القيام بالكثير من العمل لتطوير سوق الصكوك، ولكن لم تبذل أي جهود تعليمية لمساعدة المستثمرين العاديين على فهم مدى أهمية الاحتفاظ بموجودات منخفضة المخاطرة في محافظهم الاستثمارية. ونحن لا نريد أن نرى المستثمرين المحليين مجبرين على الاختيار بين فئتين فقط من الأصول هما العقار والأسهم، بل نرغب في رؤية المستثمرين يحققون ازدهارًا من خلال الحصول على المعلومات والأدوات الكفيلة بإضافة الاستقرار والنمو إلى محافظهم. ويؤدي ذلك إلى التخفيف من التأثيرات غير المؤاتية على العوامل النفسية للمستثمرين. * مدير إدارة الأصول في الخير كابيتال