كنت أتوهم أن تميز طلابنا وطالباتنا أمر عسير يستوجب منهم سهر الليالي على النحو الذي جعل أساتذتنا إبان الدراسة لا يفتأون يرددون على مسامعنا قول الشاعر (من طلب العلا سهر الليالي)، وقول الشاعر الآخر (ومن طلب العلا من غير كد سيدركه إذا شاب الغراب)، ولأن الغراب لا يشيب، حسب علمي، فإني كنت أعتقد أن نيل العلا والتميز بعيد المنال على غير من يولي التعليم حقه من الجهد والمثابرة التي جعلت القدماء يتفاخرون بنيلهم العلم حبوا على الركب. كنت أتوهم ذلك كله حتى علمت مؤخرا أن الأمر أسهل من ذلك بكثير، فلا حاجة للكد والسهر ولا حاجة لغراب يشيب أو يبقى شابا طول عمره دون أن يصبغ بياض شعره بالسواد أو يغيره بالحناء، التميز لا يكلف طالب العلم، ولا طالبة العلم، أكثر من رفض السير في مسيرات التخرج أو لبس العباءة التي جرت العادة أن يرتديها الخريجون عند تخرجهم، وهو ما أكده أحد المشايخ الذين يتمتعون بجمهور عريض من المتابعين الذين يؤمنون على كل أمر يفتون فيه، فالشيخ يرى «إن مسيرة التخرج بكل أنظمتها لا تجوز»، وإن العباءة التي يرتديها الخريجون لا يحل لبسها، وذلك لأن الشيخ يرى في المسيرة والعباءة تشبها بالكفار، وقد أنهى الشيخ فتواه بنصيحة وجهها للطلاب والطالبات أشار عليهم فيها بعدم مشاركتهم في المسيرة وعدم ارتدائهم للعباءة، مؤكدا لهم أن ذلك يمكنهم من «تحقيق التميز الإسلامي»، وهو تميز لا يكلف غير رفض المسيرة واجتناب لبس العباءة. وللشيخ أن يرى ما يراه، غير أنني كنت أتمنى على الشيخ لو أضاف إلى ما يحقق التميز للمسلم والمسلمة أمرا آخر يتمثل في الإخلاص والجد والاجتهاد الذي حض عليه أسلاف للشيخ ولنا، أو نصحهم بأن يحققوا في العلم ما يحققه «الكفار» الذين حذر من التشبه بهم في لبس العباءة والمسيرة، بل ليته حث على التشبه بهم في ما يولونه للعلم من رعاية واهتمام وعناية لو أننا سلكنا مسلكهم فيها لأصبحنا في غنى عنهم وعن التشبه بهم. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 165 مسافة ثم الرسالة