قبل بضع سنوات غرقت بعض أنفاق وشوارع الرياض بمياه الأمطار، وأغرقت معها أرواحا بريئة كل ذنبها أنها وجدت في المكان الخطأ في الوقت الخطأ لحظة هطول الأمطار لتغرق في مياه الإهمال وقصر النظر، يومها تحركت أمانة الرياض لإيجاد حلول لضمان عدم تكرار المأساة وكأنها كانت تنتظر وقوعها للتحرك!! بالأمس غرقت أيضا بعض أنفاق وشوارع جدة، وأغرقت معها أرواحا بريئة لنفس السبب، وستتحرك أمانة جدة هي الأخرى لضمان عدم تكرار المأساة في المستقبل!! لماذا ننتظر دائما وقوع المأساة لنتحرك؟! ولماذا يجب أن يموت أحد حتى ندرك حق الحياة ؟! ولماذا يجب أن نلاحق المشكلات بدلا من أن نسبقها؟! بصريح العبارة.. لماذا نفشل دائما في قراءة المستقبل وتوقع السلبيات وتحديد احتياجاتنا الفعلية لتلافي المخاطر عند تنفيذ المشاريع؟! ألا تلاحظون أننا دائما ننجز المشاريع المكلفة ثم نعود سريعا لإجراء التعديلات الأكثر كلفة عليها؛ لأن هناك من لا يجيد القراءة والتفكير والرؤية من كل الزوايا والأبعاد؟! نحفر نفقا ونهمل شق قنوات تصريف مياهه المناسبة، ونسأل بعد ذلك لماذا غرق في شبر من ماء المطر، ونشيد جسرا لحل مشكلة ازدحام تقاطع مروري فنخلق زحاما أكثر في التقاطع الذي يليه، ونسأل بعد ذلك لماذا نعاني من التلبك المروري، نبني مجمعا تجاريا ولا نهتم بمواقف سيارات زواره ونسأل بعد ذلك لماذا يبدو وسط المدينة كعلبة صلصة، نشق طريقا ضيقا ثم نسمح ببناء العمارات الشاهقة عليه، ونسأل بعد ذلك لماذا بات الطريق مزدحما؟!