«هنا في المنزل مصائر متباينة تظهر وتنجلي كأنه مهد المستقبل».
جون أودونوهوي
«كائن بني غريب لا مبالي»
ستونر ابن الارض.. ابن الطبيعة الصامتة.. ولد لأبوين «كان يراهما حتى وهو طفل صغير عجوزين» يعملان بكدح طيلة ساعات النهار.. وفي بقايا اليوم تتحلق الأسرة (...)
لم أفكر قبلاً، باستخلاص حكم الأيام والموعظة التي تجري على ألسنة السنين.. أعرف أن العمر ليس محض رقم.. ولا هو محض ذكرى.. وإنما هو روح كليّة وذاكرة قد تبدو انتقائية ولكن كل ما فيها مُسجّل على صفحات القلب والوجدان كبصمات خفية..
حريّ بي وأنا في مضمار (...)
من لم يجرّب نشوة الغضب فقد فاته الكثير؛ أقول بأني قطعت شوطاً كبيراً من حياتي لبلوغ أقصى درجات الأدب واللباقة، أخرج كل يوم وعلى شفتيّ ابتسامة مهذبة، محاولاً بأن لا أكون قرداً، هل لمعت في خيالك صورة قرد ضاحك.. لثة ذات حمرة قانية، أنياب تكشّر عن صرخة (...)
«كلما سيطرت الآلة على الإنسان زاد شر الزمان عرامة»
نيكولاي برديائيف
يرن منبه الساعة الرقمية، أضواء النيون الفسفورية تشير إلى الساعة السابعة صباحاً، يتمطى على فراشه ليأخذ غفوة صغيرة، يرن المنبه مجدداً، يهرع إلى ماكينة القهوة، يكبس الزر، لحظات ويصبح (...)
ينتصب تمثال الدون كيشوت ورفيقه سانشو في ساحة إسبانيا في مدريد، كل المحال التجارية الخاصة ببيع التحف التذكارية للسياح زاخرة بهذا التمثال الذي يحكي قصة من أجمل قصص الصداقة والوفاء، وكل من قرأ رواية «الدون كيشوت» يعرف بأنه الفارس الذي يعيش على الأوهام، (...)
لا يحق لأحدهم فتح خزانتك، أن تعبث عيناه كالفئران داخل ملابسك، يغرز عينيه في قلبك، هذا تعدٍ لا يخلو من الإهانة !!
لهذا السبب احترسوا، وابقوا على غرف ملابسكم موصدة، ما أشبه القلوب بالخزائن.
مضى على تلك الحادثة ثلاثة أشهر، ولا أحد يعرف يقيناً ما إذا (...)
ربما ليس هنالك أجمل من خارطة يرسمها القارئ، جغرافية تحددها الكتب والأعمال الفنية النفيسة، خارطة يشار إلى معالمها بعناوين الكتب، واللوحات والمقطوعات الموسيقية.. خارطة تعكس اهتمامات صاحبها، ذوقه وتفضيلاته الشخصية..
ولأن القارئ هو بالضرورة مسافر في (...)
خبر عاجل تناقلته وسائل الإعلام، أخبرتني أمي بأنها حالما سمعت بهذا الخبر لم يعد يقلقها أن يقدم أبي على الانتحار ويتركها وحيدة في هذا العالم.. فمن قبل مجيئي إلى هذه الحياة، كانت علاقتهما مهددة دائماً فأبي بحسب ما تصفه أمي أحد الرجال الساخطين على هذا (...)
أعتذر من نفسي لأن هذا العالم يلهث راكضاً، وأنا لم أعد أستطيع اللحاق به، ولم أعد أستطيع اللحاق بنفسي، إنها تنسلّ من بين أصابعي كالرمال، تنجرف مع مخلّفات الوقت.. وتأخذني نحو الزوال نحو التلاشي ببطء. أنا اعتذر من ذاكرتي، وقد أصبحت كالفضاء المفتوح الذي (...)
أنتم محاصرون، أستطيع أن ألمح علامات الاشمئزاز الصغيرة على أطراف شفاهكم، لكنكم تستمرون في السير والتدافع مع الحشود، تواصلون السريان مع التيار كالأسماك الميتة، أنتم مزعجون للغاية، وأنا أستطيع أن أستمع إلى الضجيج الذي يملأ رؤوسكم، الكثير من الصراخ (...)
قد يقضي الإنسان حياته كاملة في ملء رفوف مكتبته، يسعد بهذا الحُبّ الذي يجعل من تلك العائلة الصغيرة من الكتب، تكبر مع مرور الأيام والسنين وتحتلّ موقعاً بارزاً في أحد فضاءات الغرفة.. يصنف كتبه بطريقته الخاصة، يرتبها كما يحلو له، يقسو على بعضها ويحنو (...)
يحدث أن تضع رأسك برأس «الريموت» الصغير.. في حال لم يستجب لضغطات إصبعك المتتالية.. فتوسعه ضرباً وتكسيراً..! يحدث أن تكيل الشتائم واللعنات على جهازك الذكي.. ما إن يتصرّف يوماً بغباء.. لكي تقرر في لحظة غضب عارم.. أن تتخلص منه في أقرب مرحاض أو بالوعة.. (...)
يقول فلوبير، في رحلة كتابة روايته الشهيرة مدام بوڤاري، والتي بلغ عدد صفحات مخطوطتها الأصلية الألفي صفحة «أي مجداف ثقيل هو القلم»، يتفق معه أرنست همنغواي الحائز على جائزة نوبل ليقول «إن الكتابة تبدو سهلة غير أنها في الواقع أشقّ الأعمال في العالم».
إن (...)
ما أحببت شاعرا .. حبي لهذا الشاعر.. لم يكن يكتب الشعر فحسب.. كان يرسم بالكلمات لوحات نابضة خفاقة كأجنحة النسور المحلقة.. أصيلة كالنخيل الباسقة.. مشعة كنجوم الصحاري المتألقة.. ناعمة ككثبان الرمال..
لم يكن يضرب بفرشاة إحساسه صامتا.. وإنما كان يغني (...)
بما كنت أحلم البارحة.. ؟
استيقظت في ذلك اليوم فجأة، لا أعرف كم يوما كنت أغطّ فيها في سبات عميق .. كل ما أعرفه أن الشيطان قد دسَ تلك الدودة الخبيثة في رأسي، أنها تمتصّ كل شيء..
أنا لا أعرف من أنا .. و ماذا أعمل .. ولا لأي مكان سأذهب .. وتلك المرأة (...)
كانا جالسين على طاولة الطعام يتناولان وجبة العشاء عند منتصف الليل، لم تنبس الزوجة ببنت شفة وهي تسترق النظر إلى زوجها الذي هزل في الأيام الأخيرة و أصابه شحوب الأموات، لقد كان يعاني من الأرق حتى أنه لم يعد ينام إلى جانبها ليلا، ليبقى على الأريكة في (...)
كان الشاب منكبا على قراءة كتاب كان بحوزته عندما دخل عليه أحد أصدقائه المقربين وقال بنبرة اشمئزاز «تبدو مثيرا للشفقة وأنت تقرأ في هذه الكتب حتى ساعة متأخرة من الليل.. في الحياة متع أخرى سوى المطالعة!».
وضع الشاب أصبعه وسط كتابه وأخذ ينظر في عيني (...)
في بيت العجوز التي أقيم عندها عصفور مزعج يوقظني كل صباح، لا أعرف كيف استلطفتُ وجوده في المنزل أول الأمر، ولكنني كنت مضطرا الى ذلك .. فالشقق السكنية التي يستأجرها الطلاب باهظة الثمن، والغرفة التي سآخذها في منزل هذه العجوز مريحة وأقل تكلفة، وهي عندما (...)
كانت الجدران رطبة والهواء ثقيلاً جداً بالكاد أتنفسه، كل شيء شاحب في هذه الغرفة شحوب الأشياء المُهملة المهجورة، العناكب تملأ المكان بشباكها، تطرّز بيوتاً وتنصب فخاخاً لفرائسها من الحشرات الأخرى.. والباب الذي يؤدي إلى الفناء الخلفي يقف كآدميّ (...)
في رحلة بعيدة وفي مكان قصي كنت في المقهى أحتسي قهوتي وأمارس هوايتي المفضلة في استراق النظر في أيام الغربة.. وتأمل وجوه العابرين, والمحبين تحديداً..لا شيء في الواقع أجمل وأنكى من منظر المحبين..!
أخبرتني صديقتي ذات يوم بأنها تشعر بالحزن والحسرة أما (...)
في اللحظة التي بات فيها الفقد يهدده.. وقف أمام المرآة والدموع تتقاطر من عينيه مُثقلة بمشاعر الخوف والقلق الداخلي العميق الذي يضجّ في أعماقه.. يربكها.. يزلزلها.. ويضربها كالإعصار الجارف.
تأمل وجهه.. وشعر بالضعف، والضآلة.. شفتاه الجافتان والمرتعشتان (...)
ما زلت أذكر ذاك اليوم جيّداً.. على ناصية السفينة في ذلك الجزء الذي يشقّ عباب البحر ويقسمه نصفين.. شفتين.. من زبد أبيض.. ترسل القُبلات على أجنحة النوارس نحو الغيمات..
كانت السماء كقطعة مُخمل رمادية «فخمة» إلا أنها في متناول الجميع.. جميلة ولكنها (...)
في اللحظة التي توقّف فيها صديقه عن مواصلة السير معه، توقّف ونظر في عينيه مستفهماَ لكي تباغته الإجابة..
« أنا آسف.. لا أستطيع «!
لم يكن هذا الصديق ليتحمّله في الفترات الأخيرة، لقد ضاق ذرعا بكل شيء .. هلوساته، وساوسه، دموعه، واضطرابه.. فقرر في لحظة من (...)
اعتدت أن أزور المكتبة في كل مرة أشعر فيها بالوحشة.. روحي المعذبة تحضني للذهاب إلى هناك.. رغم أن شبح الوحدة لا ينفك يطاردني.. إلا أنني لا أستريح سوى بين الكتب والقليل من الناس..!
ولأنها عادة اكتسبتها مؤخراً عملت على تطويرها بما يتناسب مع مزاجي.. كنت (...)
وحتى تبدو جميلا .. كُف عن تجميل صورتك لأنك تمعن في تشويهها! كلنا نريد أن نترك انطباعا حسنا لدى الآخرين. ولكن من يقدر أن يستمر على هذا النحو حتى النهاية؟ انظر، كلنا نريد أن نكون، ولكننا مع الأسف لا نكون في معظم الأحيان ما نريد حقا أن نكونه! الأمر (...)