خلال السنوات العديدة الماضية، ميز راجورام راجان نفسه كرئيس للبنك المركزي في الهند. لكنه كان يواجه معارضة طوال تلك الفترة، والنقاد لا يرغبون في إعادة تعيينه عندما تنتهي فترة ولايته في سبتمبر. والتساؤلات التي تثار حول مصيره تلحق الضرر الآن بالثقة ما بين المستثمرين، وقد انخفض كل من السندات وسعر الروبيه بعد ظهور تقرير غير مؤكد يفيد بأنه رفض تولي ولاية ثانية. سيكون من الحكمة بالنسبة للحكومة الهندية إبقاؤه في منصبه - وإعلان تلك النية قريبا. المشرٍع المستقل سوبرامانيان سوامي، الذي يدعي التحدث باسم الحزب الحاكم بهاراتيا جاناتا، استلم زمام الأمور في المطالبة بمغادرة راجان. ويقول إن راجان حافظ على تشديد السياسة النقدية لفترة طويلة أكثر من اللازم - وإن محافظ البنك المركزي ليس «هنديا تماما». التهمة الاولى خاطئة، أما الثانية فليست جديرة بالمناقشة. يعرف راجان، وهو أستاذ جامعي بارز في جامعة شيكاغو وكبير الاقتصاديين السابق في صندوق النقد الدولي، بأنه تنبأ بأزمة القروض العقارية في العام 2008. كما أن سجله في المصرف الاحتياطي في الهند غني عن التعريف. تولى المنصب في سبتمبر من عام 2013، مع تراجع الروبيه بسبب مخاوف من ارتفاع أسعار الفائدة الامريكية. كما عمل على استقرار العملة وتعزيز احتياطيات الهند. تم كبح جماح العجز الخارجي، وانخفض التضخم من مستويات مرتفعة ليصل إلى 5.4 بالمائة في إبريل من عام 2016. وتعتبر الهند حاليا الاقتصاد الكبير الأسرع نموا في العالم. في بلد يعاني من وجود مؤسسات ضعيفة، عمل راجان على تحسين موقف البنك المركزي وتعزيز القطاع المالي في البلاد. اعتمد المصرف الاحتياطي في الهند، مثل معظم أقرانه، هدفا رسميا للتضخم، ما يجعل السياسة النقدية أكثر وضوحا ويدعم الاستقرار. وبترخيص العديد من البنوك الجديدة، ساعد راجان في توسيع إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية. كما ضغط أيضا على المصارف الكبرى لكي تتعامل مع الديون المعدومة. ليس من السهل التعامل مع القروض المختلة وربما تعيق النمو على المدى القصير، لكن القطاع المالي ككل وأن يبرز أكثر قوة من قبل. جنبا إلى جنب مع قانون جديد حول الإفلاس، يمكن للسياسة أن تُبطِل دورة مدمرة ومألوفة: تعمل مصارف الدولة على توجيه القروض الرخيصة نحو أساطين المال المفضلين، ومن ثم تبقي الشركات واقفة على قدميها بغض النظر عن الأداء. ومع اعتدال التضخم، عمل المصرف الاحتياطي في الهند على خفض سعر الفائدة الرسمي، وقال راجان إنه ينبغي أن يتبع ذلك المزيد من التسهيل. لجعل هذا أمرا ممكنا، حث الحكومة على الحفاظ على التزامها بالانضباط في المالية العامة - وبالفعل التزمت الحكومة في آخر ميزانية لها بهذا الأمر. لكن استمرار النجاح ينبغي أن لا يكون أمرا مفروغا منه. في سلسلة من الخطابات، كان راجان حادا في حديثه عن الإصلاحات التي لا تزال الهند بحاجة إليها وأعرب عن أسفه على ما يراه بأنه تعصب متزايد. هذه الجرأة لا تلقى إعجابا بين الجميع. مع ذلك، يبدو أن استعداد راجان لمواجهة مشاكل الهند التي طال أمدها وانتقاد أخطاء السياسة تمنحه المصداقية التي يفتقر إليها العديد من الشخصيات العامة في الهند. فهو يعد واحدا من الأصول المهمة في حكومة ذات عقلية إصلاحية، ويحسُن برئيس الوزراء ناريندرا مودي أن يقول هذا الآن، بدلا من السماح بأن يطول أمد الغموض واللبس الحالي.