هي مقابلة افتراضية وإلا فأنا ليس فقط لا أرغب في ذلك، بل لا يشرفني أن التقي "برجل" يقتل الاطفال بدم بارد، ويهدم البيوت على رؤوس الآمنين، ويقصف المدارس والمستشفيات، وكل ما يمت لحياة الإنسان بصلة، فهل تتوقعون أن شخصا لديه ذرة من الإنسانية يمكن أن يسعى لمقابلته، أو أن يصافح يده الملطخة بدماء الأبرياء، بالطبع... لا وأقولها بالفم المليان لا وألف لا، لأن ما يقوم به هذا النتن وعصابته من النتنين هو خارج ما يتحمل إنسان به ذرة من الإنسانية، ولكن ما عسى أن نقول عن ذئاب بشرية تنهش لحم الابرياء، ولا توفر منه لحما سواء كان لنساء أو لأطفال بعمر الزهور، أو حتى مسنين يحملون على عاتقهم عناء الشيخوخة من ضعف ومرض. بلا إطالة عليك قارئي العزيز، أتركك مع هذه المقابلة الافتراضية؛ آملا أن تتحمل نتن هذا الضيف الثقيل، ليس بكل ما يحمل معنى الثقل في كل لغات العالم من واقع المعنى الحقيقي لمفردة ثقيل، لأن ثقل هذا الضيف يبحث عن مفردة يمكن أن تتحمل معناه الحقيقي، لأننا نظلم الثقيل حينما نساوي هذا "النتن" به. تبدأ المقابلة وأنا أدير ظهري له لأنه وجه يكرهه الله ورسوله، ومع هذا لم أسلم منه فرائحته النتنة تملأ سماء الغرفة إلى درجة الغثيان، حاولت أن أتمالك نفسي وأستجمع قواي من أثر هذه الرائحة، التي دون مبالغة لو استنشقها البشر، ربما احتاجوا لزراعة رئة جديدة، إن لم يفقدوا حياتهم لحظة استنشاقها، استجمعت قواي للمرة الثانية، وأنا أقول ليس أطفال ونساء وشيوخ غزة أفضل حالا مني، فها هم يعيشون يوميا ليس مع رائحة هذا النتن فقط، بل معها آلة عسكرية هي الأفضل والأقوى والأكثر تدميرا في العالم، كان الله بعون اهل غزه وحقق لهم النصر المبين إن شاء الله. تعالوا للمقابلة التي تبدأ الآن مع أنتن ما عرفته البشرية في تاريخها لآلاف السنين. أنا: كيف ترى مستقبل السلام الآن..؟!! النتن: إن أعطيت إسرائيل مزيدا من الوقت، سوف تؤسس لمرحلة جديدة لسلام. أنا (باستياء شديد): هل ننتظر حتى يباد شعب بأكمله.. حينها مع من يمكن أن تقيم السلام يا فخامة النتن. النتن (بوقاحة شديدة): مع الشرفاء من الفلسطينيين..! أنا (بدأ الضغط يرتفع): وهل ميزت آلتكم العسكرية الهمجية بين الأطفال والنساء والشيوخ، بل حتى المرضى الذين بالمستشفيات حتى تتحدث عن الشرفاء... يا عديم الشرف - طبعا قلت جملتي الاخيرة بالعربية - ولكن المفاجأة أنه فهمها هو وحارسه الشخصي الذي حاول أن يهجم علي ليوسعني ضربا، ولكن "النتن" منعه قائلا له هذا ضيف رئيس وزراء إسرائيل، أتريد أن يقال إسرائيل لا تحترم ضيوفها..!!، قال "ضيف قال"، حينها قلت في نفسي وأنا مستاء من الحارس وسيده وخشية أن يسمعني هذا "النتن" بيتا للمتنبي: "إذا رأيت نيوب الليث بارزة فلا تظنن أن الليث يبتسم" النتن: الاطفال والنساء والشيوخ الذين تتحدث عنهم كلهم مشاريع لقتال إسرائيل أنهم يهددون أمن إسرائيل، ألم يكن أحمد ياسين شيخا طاعنا بالسن ومقعدا، ومع هذا قاد العمليات الحربية لقتال إسرائيل، وكذلك الكثيرات من الفلسطينيات إما مشاريع لعمليات استشهادية، كما تسمونها أو دعما لوجستيا للمقاتلين الفلسطينيين، اما الأطفال فهم اول من سيحارب إسرائيل في المستقبل. أنا (بعد أن أصبت بالغثيان): طيب مرضى المستشفيات ما ذنبهم أن يتعرضوا لقصف طيرانكم الحربي يا فخامة النتن. النتن: هؤلاء ليسوا مرضى، إنهم جرحى حرب، وكان يجب أن يقتلوا لأنهم قتلوا من المدنيين الإسرائيليين الكثير. أنا (فاض بي الكيل): هل لدى الفلسطينيين طائرة إف16 الامريكية الصنع، وهي الافضل في العالم. النتن: لا. أنا: هل لديهم دبابة الميركافا الامريكية التي تعد أقوى دبابات العالم. النتن: طبعا لا. أنا: وهل لدى الفلسطينيين سلاح نووي، وأكثر من مائتي رأس، قنبلة نووية واحدة منها فقط يمكن أن تهدد المنطقة، إن لم يكن العالم بأسره. حينها شعر أنه وقع في فخ. أنا: إذا من الذي يهدد الآخر، الشعب الأعزل أم المدجج بالسلاح حتى أرنبة أنفه. حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدقك فلا عقل له. حينها استشاط النتن غضبا قائلا: بلا ضيافة بلا بطيخ، فارا كرسيي تجاهه، لأكون وجها لوجه قبالته، أمسك برقبتي ملصقا وجهي بوجهه، حينها فقدت الوعي فقد كانت كمية الغازات السامة التي خرجت من فمه، كفيلة بقتلي، ولكن الله ستر ولطف بي، ووجدت نفسي بالمستشفى محاطا بزوجتي وأبنائي. فتحت عيني يممت وجهي صوب القبلة، وبقول واحد لأبطال غزة رددت مع المتنبي: إذا غامرت في شرف مروم فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في أمر حقير كطعم الموت في أمر عظيم