قلبي يقطر دماً وأنا أكتب هذا المقال في ظل الأعمال الوحشية التي تقوم بها القوات الاسرائيلية في غزة هذه الأيام. اربعمائة شهيد وأكثر من ألف وثمانمائة مصاب.. وما زالت آلة الحرب الاسرائيلية تقول هل من مزيد؟ والعالم كله غير قادر حتى لحظة كتابة هذا المقال على ايقاف هذه الغطرسة الاسرائيلية وهذا الافراط في استخدام القوة (ضد شعب غزة) اطفال رضع وأطفال وشيوخ ونساء يقتلون تحت سمع وبصر العالم من يوقف هذه المهزلة.. الصرخات والبكاء لن يجدي مع هذه الآلة الاسرائيلية الحربية التي تعيث فساداً في الأرض.. وهؤلاء هم جنرالات اسرائيل يهددون بأنهم سوف يطورون الهجوم على غزة إلى هجوم بري .. وأنا أشك كثيراً في أن تقدم اسرائيل على هذا العمل لأن جنودها «أجبن» من أن يخوضوا «حرباً برية» لأنهم عند هذه النقطة سوف يواجَهُون بالأبطال من الشعب الفلسطيني الذين هم على استعداد للشهادة والموت في سبيل بلدهم وحقوقهم المشروعة.. وأظن أن اسرائيل درست جيداً لبنان وهي بالتالي تستخدم (ذراعها الطويلة) الطيران في الضرب من بعيد لإحداث التدمير والقتل دون أن تواجه حرباً برية، ولنا في الحروب البرية التي خاضتها القوات المصرية تجاه القوات الاسرائيلية في حرب اكتوبر 1973مواقف لن تنساها اسرائيل. أقول أعادتني احداث غزة الأليمة إلى 35 عاماً للوراء حين سافرت إلى غزة عن طريق العريش ورفح المصرية في الستينات من القرن الماضي وقبل حرب عام 1967 لنقضي في غزة ورفح والعريش عشرة أيام وعشنا في غزة أياماً جميلة مع أهلها الطيبين كانت صحبتنا في رحلة نظمتها «مؤسسة أخبار اليوم» الصحفية إلى «غزة» كانت غزة في هذه الأيام جميلة هادئة ، وأهلها تجار وشطار كانت تصل اليهم البواخر والعبارات والزوارق المحملة بجميع السلع من دول ساحل البحر الأبيض المتوسط من ايطاليا وقبرص وبعض الدول الأوروبية لتصل إلى «غزة» التي اصبحت سوقًا كبيرة للمصريين يذهبون اليها لشراء حاجاتهم من البضائع المستوردة بدءاً من «كرفتات العنق» حتى مستلزمات العرائس، كانت سوق شارع عمر المختار في غزة تحتوي على كل شيء وبأسعار تنافسية وشطارة في البيع وعليك مهمة الاختيار في الاجود.. والأرخص.. وكانت حفاوة الاخوة الغزاويين بنا كبيرة .. وأذكر أنني تصادقت مع مجموعة نشطة من التجار هناك من عائلة «مسكيك» وصاحبت ابناءها وظلت علاقتنا لسنوات طويلة اتراسل معهم ويزورونني في مصر. كانت الحياة في غزة بسيطة وكان أهلها الطيبون كرماء في الترحيب بالضيف وكان لديهم الخير الوفير.. والربح الكثير.. لتجيء بعد ذلك حرب 1967م وتحيل تلك الأيام الجميلة إلى كابوس مُخيف ويشرد الناس عن غزة الجميلة بعد أن حولها اليهود إلى منطقة مقفلة لا بيع فيها ولا شراء .. حتى يصل بنا الزمن لنعيش هذه الأيام السوداء التي تعيشها «غزة» الجميلة في هذه الايام وهذا الحصار المفروض عليها في الجو والبحر والبر لدرجة اعادة «باخرة الكرامة» التي أتت من قبرص بمن عليها من أفراد وناشطي حقوق الإنسان وأدوية بعد الاصطدام بالباخرة واعادتها إلى «صور اللبنانية». أعان الله أهالي غزة الحبيبة على تلك المحنة القاسية التي يتعرضون لها.. وهزم الله هذه القوة الاسرائيلية الغاشمة وما النصر إلا من عند الله.